وأمّه سمية أمة للحارث بن كلدة، وهى أم زياد بن أبى سفيان. ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: أبو بكرة نفيع بن الحارث. قال: والأكثر يقولون: نفيع بن الحارث، كما قال أحمد، وقال ابن عبد البر: قال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: أملى على هوذة بن خليفة البكراوى، نسبه إلى أبى بكرة، فلما بلغ إلى أبى بكرة، قلت: ابن من؟ قال: دع لا تزده، دعه.
وكان أبو بكرة يقول: أنا من إخوانكم فى الدين، وأنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أبى الناس إلا أن ينسبونى، فأنا نفيع بن مسروح. انتهى.
وقال ابن عبد البر: قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كناه بأبى بكرة، لأنه تعلق ببكرة من حصن الطائف، فنزل إليه. قال: وكان أبو بكرة رضى الله عنه يقول: أنا مولى رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ويأبى أن ينتسب. قال: وذكره أحمد بن زهير فى موالى النبى صلى الله عليه وسلم. قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: خرج غلامان يوم الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة.
وذكر ابن عبد البر فى موضع آخر، أن أبا بكرة رضى الله عنه، نزل من حصن الطائف فى غلمان من أهل الطائف، فأعتقهم النبى صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عبد البر: وكان من فضلاء الصحابة رضى الله عنهم، وهو الذى شهد على المغيرة بن شعبة، فبثّ الشهادة، فحدّه عمر رضى الله عنه حدّ القذف، إذ لم تتم الشهادة. ثم قال له: تب، تقبل شهادتك، فقال. له: إنما تستتيبنى لتقبل شهادتى؟ فقال: أجل، قال: لا جرم، لا أشهد بين اثنين أبدا ما بقيت فى الدنيا.
وقال سعيد بن المسيب: كان ـ يعنى أبا بكرة رضى الله عنه ـ مثل النصل من العبادة، حتى مات.
وقال ابن عبد البر: قال الحسن: لم يسكن البصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفضل من عمران بن حصين، وأبى بكرة. انتهى.
قال ابن عبد البر: وكان أبو بكرة رضى الله عنه، أخا زياد لأمّه، أمهما سمية، فلما بلغ أبا بكرة، أن معاوية استلحقه، وأنه رضى بذلك، آلى يمينا أن لا يكلمه أبدا، وقال: هذا زنّى أمه، وانتفى من أبيه، ولا والله ما أعلم سمية رأت أبا سفيان قط. ويله، ما يصنع بأم حبيبة زوج النبى صلى الله عليه وسلم، أيريد أن يراها؟ فإن حجبته فضحته، وإن رآها فيالها مصيبة! يهتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمة عظيمة.