حدثنى عيسى بن سعيد بن زاذان، قال: كان معاذ بن عبيد الله بن معمر بن عثمان ابن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التميمى، وأمه كثرة بنت مالك بن عبيد الله بن عثمان بن معمر، وأمها صفية بنت عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، يختصم هو ونافع بن علقمة فى مال بتهامة، فطالت فيه خصومتهما، فاختصما عند يحيى بن الحكم، وهو يومئذ والى مكة، فقال نافع: أنا ابن كذا وكذا، فقال معاذ: أنا ابن قنونة والأحسبة. فقال نافع: أنا ابن قنونة والأحسبة، فقال معاذ: الحمد لله الذى رد الحق إلى أهله، الآن أصبت، أنا ابن كذا وكذا. قال: لا، أنت.
فغضب يحيى بن الحكم، ونافع خاله، فأقبل على معاذ، فمس منه، ثم قال: فيم تجمح النظر إلىّ يابن كثرة؟ فوضع معاذ يده على وجهه، فقال يحيى: انظر إليه يهزأ بى، أتهزأ بى يابن كثرة؟ قال معاذ: والله ما أدرى أنى آتى لك، إن نظرت، قلت: تجمح، وإن لم أنظر إليك. قلت: تهزأ بى.
فأما كثرة، فإنها ماتت سمينة، إذ بعض أمهات الرجال تموت هزلا ـ يعرض بأم مروان بن الحكم، ويحيى بن الحكم ـ ولا أحسبك علمت أن أمى لو عقدت خرقة برأس جريدة، ما أنف قرشى أن يجلس تحتها.
فلما قدم عبد الملك، شكا إليه معاذ من يحيى، فقال أمير المؤمنين: إن عمك يحيى، يزعم أن ليس لى أن أشتم من يشتمنى من قريش، قال: بلى، فأشتم من شتمك، بصغر له وقمأة. انتهى باختصار.
وذكر الزبير، أن عبد الملك بن مروان، غضب على عمه يحيى، واصطفى كل شيء له عارضه فيه. ونص الخبر: وحدثنى محمد بن حسن، عن إبراهيم بن محمد الزهرى، عن أبيه، قال: كانت زينب بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بارعة الجمال، وكانت تدعى الموصولة، وكانت عند أبان بن مروان بن الحكم. فلما توفى أبان بن مروان، دخل عليها عبد الملك، فرآها، فأخذت بنفسه، فكتب إلى أخيها المغيرة بن عبد الرحمن، يأمره بالشخوص إليه، فشخص إليه، فنزل على يحيى بن الحكم، فقال يحيى: إن أمير المؤمنين، إنما بعث إليك لتزوجه أختك زينب، فهل لك فى شيء أدعوك إليه؟ . قال: هلم فاعرض! قال: أعطيك لنفسك أربعين ألف دينار، ولها على رضاها، وتزوجنيها! قال له المغيرة: ما بعد هذا شئ، فزوجه إياها. فلما بلغ عبد الملك بن مروان ذلك، أسف عليها، فاصطفى كل شيء ليحيى بن الحكم، فقال يحيى بن الحكم: كعكتين وزينب، يريد أنه يجتزئ بكعكتين، إذا كانت عنده زينب.