وكان بعض مشايخنا يفضل جبل أبى قبيس على جبل حراء، ويحتج فى ذلك: بكونه أقرب إلى الكعبة من حراء.
وفى النفس من ذلك شيء لكثرة مجاورة النبى صلى الله عليه وسلم لحراء، وما نزل فيه من الوحى عليه. ولم يتفق له مثل ذلك فى أبى قبيس، فلا يكون أفضل من حراء. والله أعلم.
ومنها: جبل الخندمة؛ لأن الفاكهى روى بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنهما. قال:«ما نظرت مكة قط إلا كان للخندمة عزة. وذلك أن فيها قبر سبعين نبيا» والخندمة معروفة عند الناس بقرب أبى قبيس.
ومنها: جبل حراء بأعلى مكة، لكثرة مجاورة النبى صلى الله عليه وسلم فيه. وما خصه الله به فيه من الكرامة بالرسالة إليه ونزول الوحى فيه عليه. وذلك فى غار مشهور فى هذا الجبل يأثره الخلف عن السلف ويقصدونه بالزيارة، وبين حراء ومكة ثلاث أميال.
قاله صاحب المطالع وغيره.
وقيل: ميل ونصف. قاله البكرى ـ وهو بعيد.
وقيل: أربعة أميال. كذا فى تفسير ابن عطية، والله تعالى أعلم.
ومنها: جبل ثور بأسفل مكة لاختفاء النبى صلى الله عليه وسلم والصديق رضى الله عنه فى غار به. وهذا الغار مشهور عند الناس ويدخلونه من باب المتسع والضيق، وقد وسع بابه الضيق لانحباس بعض الناس فيه، وذلك فى سنة ثمانمائة أو قبلها أو بعدها بيسير.
وما ذكرناه فى تسمية هذا الجبل «بثور» هو المعروف. وسماه البكرى «بأبى ثور». وذكر أنه على ميلين من مكة، وأن ارتفاعه نحو ميل، وذكر ابن الحاج أنه من مكة على ثلاثة أميال.
ومنها: جبل ثبير بمنى؛ لأنا روينا من حديث أنس رضى الله عنه مرفوعا «أن الله سبحانه وتعالى لما تجلى للجبل تشطى فطارت لطلعته ثلاثة أجبل فوقعت بمكة، وثلاث أجبل فوقعت بالمدينة، فوقع بمكة حراء وثبير وثور، وبالمدينة أحد وورقان ورضوى» أخرجه الأزرقى.