وثمانمائة، ثم حج الناس من بغداد بمحمل على العادة سنة ست عشرة وثمانمائة. وفى أربع سنين متوالية بعدها، ولم يحجوا من بغداد فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ولا فيما بعدها.
والذى جهزهم فى هذه السنين: متولى بغداد من قبل قرا يوسف التركمانى. وهو المنتزع الملك من أحمد بن أويس.
ومنها: أن الحجاج المصريين غير قليل منهم: تخلفوا عن زيارة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، لمبادرة أميرهم بيسق بالمسير إلى مصر، متخوفا من أن يلحقه أحد من أمراء الشام بين عقبة أيلة ومصر، فإنه كان قبض بمكة على أمير الركب الشامى فى موسم هذه السنة، وهى سنة عشر وثمانمائة.
وفيه: نفر الحاج أجمع فى النفر الأول.
ومنها: أن فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة: حصل فى الحجاج المصريين قتل ونهب، وتعدى النهب إلى غيرهم، ومعظم النهب وقع فى حال توجه الناس إلى عرفة. وفى ليلة النحر بمنى: عقرت جمال كثيرة وعند مأزمى عرفة، والفاعل لذلك: جماعة من غوغاء العرب.
والذى جرأهم على ذلك: أن صاحب مكة السيد حسن بن عجلان رحمه الله تعالى، لم يحج فى هذه السنة. وإنما لم يحج فيها: لوحشة كانت بينه وبين أمير الركب المصرى بيسق، فإنه أعلن للناس فى الينبوع: أن صاحب مكة معزول، وأنه يريد محاربته.
ثم إن صاحب مصر: الناصر فرج، منعه من حرب صاحب مكة. وأعاده وأعاد بنيه إلى ولايتهم. ولولا أمر صاحب مكة بالكف عن إذاء الحاج لكان أكثرهم رفاتا، وأموالهم أشتاتا.
وهذه الحادثة أبسط من هذا بكثير فى أصله.
ومنها: أن هذه السنة: أقام الحاج بعرفة يومين لاختلاف وقع فى أول ذى الحجة وأوقفت المحامل بعرفة على العادة. ونفروا بها وقت النفر المعتاد إلى قرب العلمين، ثم ردت إلى مواضعها.
وهذا الوقوف فى اليوم الأول، وفيه وصلوا عرفة، وهو يوم التروية على مقتضى رؤية أهل مكة لذى الحجة.
ومنها: أن الحجاج لم ينفروا من منى فى سنة ثلاث عشرة: إلا وقت الزوال من اليوم