وقد بينت أشياء من ذلك فى عدة من أجوبته، وما وقف إلا على بعض ذلك. وأجاب عنه بما لا يخلو من نظر، وثم عليه فى بعضها تناقض ظاهر لاختلاف جوابه فى الواقعة الواحدة. ويقال: إنه كان يقصد بذلك مراعاة خواطر السائلين. وهذا مما عيب عليه. وعيب عليه أيضا كثرة إطلاقه للسانه فى أعيان من العلماء. وقد سمعت منه أشياء من ذلك.
منها: أنه قال: إن شراح مختصر ابن الحاجب فى الفقه لم يفهموه.
وسمعت بعض الناس يذكر له كلاما للشيخ أبى محمد بن أبى حمزة فى الإعراض عن كتاب الزمخشرى فى التفسير والإقبال على تفسير ابن عطية وغيره من علماء السنة. فقال: هذا الكلام ما يسوى حبة.
وسألته عن كلام العراقى فى الأصول فلم يحمده. وسمعته كثيرا لا يثبت لشيخه ابن عرفة فى أكثر الفنون كثير معرفة.
وكان لتآليف ابن عرفة يعيب. وأكثر ظنى: أنه فى ذلك غير مصيب.
ووجدت بخط الوانوغى من الزلل فى حق العلماء أكثر مما سمعت منه. وذلك فى وريقات ذكر فيها اشتغاله بالعلوم لسؤال بعض الناس له عن ذلك. فمما فيها ـ بعد ذكره مختصر ابن الحاجب الفرعى ـ: ولم يوفق أحد من شراحه إلى شرحه كما ينبغى، بل كلها أفسده وأفسد مسائله.
وبادر إلى الاعتراض عليه وإلى تخطئته، ولم يقع على الغرض الذى قصده المصنف، ثم قال: وله اصطلاحات وعبارات شرحها الشراح مفرقة، وشرحها بعضهم مجموعة لم يصادفوا فيها المقرر، ولا أصابوا شاكلة الرمى.
وقد سمعت قراءة هذا الكتاب على الشيخ ابن عرفة مرارا. وكانت قراءته فيه هينة، وقراءته للمدونة أحسن، وكان مولعا بالرد عليه وعلى شارحه ابن عبد السلام. وسمعت على الشيخ ابن عرفة كتاب مسلم، سماع تفهم وبحث.
ولم يكن له اشتغال بعلم الحديث، فلم ينظر فيه نظر المحدث باصطلاح المعروف إنما يتكلم عليه ببعض ما ذكره صاحب الإكمال، وهو أحسن ما عليه. وبعده القرطبى على مختصره.