به ـ فى تعريفه بحال مكة المعظمة، ومشاعرها المكرمة، وجميع أحوالها المحترمة ومجاورة نبيه العظيم، فوجدته أسأم نفسه، وقطع وقته فى طاعة الله الكاملة وما يقربه من ربه فى جنة عالية.
وكيف لا، وهو فرع النبوة المعظمة، وسليل السيادة المحترمة، ومجاور بيته العظيم، وسيادة كل من هو به من عالم وحكيم، أكمل الله تعالى عليه نعمه، ووالى عليه فضله وكرمه. والله تعالى يرشد الجميع إلى طاعته، ويحملنا على ما يرضيه بمنه وكرامته، جمع بما ألفه بين المختلفات، ووفق بين المفترقات وبين ما أشكل من المشتبهات، وسرد من أحاديث سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ما أبلج القلب باليقين، ويوجب على كل عاقل أن يشد عليه باليمين، ويجعله فى ذخائره العقد الثمين. انتهى بنصه.
وكتب على تحصيل المرام قاضى الحنابلة بدمشق: الإمام عز الدين محمد بن علاء الدين على بن بهاء الدين عبد الرحمن بن قاضى القضاة عز الدين محمد بن قاضى القضاة تقى الدين سليمان بن حمزة القدسى الصالحى ما نصه:
الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أتى الشريف التقى المشهور كالعلم ... فى مكة وبيت الله والحرم
بكل معنى بديع غير منكتم ... يهدى إلى الرشد بل يشفى من السقم
أبرزت فى الكون تأليفا به ائتلفت ... قلوبنا شغفا يا طاهر الشيم
رمت العلا لتحصيل المرام به ... فنلت ما رمت من فضل ومن نعم
لله درك كم در نظمت به ... قلدت جيد أولى الأفضال والكرم
وكم علوم حيت من بعد ما درست ... نشرتها طى ما رصعت بالقلم
وكم أفدت وكم أسندت من حكم ... وكم أعدت وكم أبديت للفهم
وكم وكم ما عسى بالوصف أذكره ... وليس يأتى عليه الوصف بالكلم
أذكرتنا سلفا حدثتنا بهم ... يا حافظ الوقت من عرب ومن عجم
بالحفظ يرعاك جل الله خالقنا ... ونسأل الله أن يبقيك للأمم
قال ذلك وكتبه: أقل العبيد محمد بن على الحنبلى، لطف الله تعالى به بتاريخ سلخ شهر صفر الخير سنة ثمان عشرة وثمانمائة بمكة المشرفة، زادها الله تعالى شرفا وتعظيما. وحسبنا الله ونعم الوكيل. انتهى.