فلما كان الموسم من هذه السنة: وصل إلى القاضى جمال الدين عهد بالخطابة دون النظر والحسبة، وباشرها مع القضاء وما معه إلى أثناء ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثمانمائة، ثم وصل إلى القاضى عز الدين توقيع بالخطابة، ونظر الحرم والحسبة فى هذا التاريخ، وباشر ذلك القاضى عز الدين.
ثم سعى للقاضى جمال الدين فى الخطابة، فوليها واتفق أن ولايته لها كانت بعد وفاته؛ لأنه توفى فى سابع عشر رمضان من هذه السنة.
ولما وصل خبر وفاته إلى القاهرة، قرر القاضى عز الدين فى الخطابة مع نظر الحرم والحسبة.
وكان أمير الحاج المصرى فى سنة سبع عشرة أبقاه على الخطابة، وما زال مباشرا لها ولنظر الحرم والحسبة من ربيع الآخر سنة سبع عشرة، وإلى أن عرض له من المرض ما منعه من المباشرة فى ذى القعدة سنة تسع عشرة، فباشر ذلك نوابه.
وقدر أنه صرف عن الخطابة والحسبة فى عاشر ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة بأبى البركات بن أبى السعود بن ظهيرة.
وما وصل الخبر بولايته لذلك إلا بعد موته بنحو خمسة وعشرين يوما: لأن أبا البركات مات فى الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة، فباشر نائب القاضى عز الدين الخطابة والحسبة مع نظر الحرم إلى أن توفى القاضى عز الدين.
ومما وليه القاضى عز الدين، تدريس المدرسة الأفضلية بمكة، ودرس بشير وغير ذلك.
وكان صارما فى الأحكام، وله بها معرفة، وقل أن يستكبر شيئا، وفيه احتمال كثير للأذى، ومروعة كثيرة.
وكان جيد الحفظ للقرآن، سريع التلاوة، مديما لها غالبا ليلا ونهارا. وصح لى أنه سمع يتلو ليلا قبيل موته بنحو عشرة أيام.
وكان وهنه فى هذه المدة شديدا. وكان ابتداء مرضه الذى مات به الفالج، ثم أمورا أخر يرجى له بها كثرة الثواب.
وتوفى ليلة الأحد الحادى والعشرين من شهر ربيع الأول سنة عشرين وثمانمائة بمكة. وصلى عليه عقب صلاة الصبح عند باب الكعبة. ودفن بالمعلاة على جده القاضى أبى الفضل. وكثر عليه البكاء والأسف، ممن لم يعرفه، وممن له عرف. وهو ابن خالى وأخى من الرضاع، تغمده الله برحمته.