ونهب بنو سليمان مكة، ومنع الصليحى الحج من اليمن؛ فغلت الأسعار وزادت البلية. انتهى بلفظه إلا يسيرا فبالمعنى.
وذكر صاحب المرآة ما يقتضى: أن بنى أبى الطيب الحسنيين: ملكوا مكة بعد شكر.
وكان من خبره بعد ذلك: أنه عاد إلى الإمرة، وقطع خطبة المستنصر العبيدى صاحب مصر، وسبب ذلك: ذلة المصريين بالقحط المفرط، واشتغالهم بأنفسهم، حتى أكل بعضهم بعضا، وتشتتوا فى البلاد، وكاد الخراب أن يستولى على سائر الأقاليم حتى بيع الكلب بخمسة دنانير، والهر بثلاثة دنانير، وبلغ الأردب مائة دينار.
وأعاد الخطبة العباسية بعد قطعها من الحجاز من نحو مائة سنة، وخطب للخليفة القائم بأمر الله أبى جعفر عبد الله بن عبد القادر أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسى، وللسلطان ألب أرسلان السلجوقى.
وذكر بعضهم: أنه لما افتتح الخطبة العباسية، قال: الحمد لله الذى هدى بأهل بيته إلى الرأى المصيب، وعوض بنيه بلبسه الشباب بعد المشيب، وأمال قلوبنا إلى الطاعة، ومتابعة أهل الجماعة، وترك الأذان بحى على خير العمل، انتهى.
وكان فعله لذلك فى سنة اثنتين وستين وأربعمائة، على ما ذكر غير واحد، منهم ابن الأثير؛ لأنه قال ـ فى أخبار هذه السنة ـ: وفيها ورد رسول صاحب مكة محمد ابن أبى هاشم، ومعه ولده إلى السلطان ألب أرسلان يخبره بإقامة الخطبة للخليفة القائم، وللسلطان بمكة، وإسقاط خطبة العلوى صاحب مصر، وترك الأذان بحى على خير العمل، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخلعا نفيسة، وأجرى له كل سنة عشرة آلاف دينار. وقال: إذا فعل مهنا أمير المدينة كذلك أعطيناه عشرين ألف دينار، وفى كل سنة خمسة آلاف دينار. انتهى.
وذكر شيخنا ابن خلدون فى تاريخه: أن أبا الغنائم النقيب لما جاور بمكة سنة سبع وخمسين وأربعمائة استقال أميرها ابن أبى هاشم ـ هذا ـ حتى قطع خطبة المستنصر صاحب مصر، وخطب للقائم العباسى.
ثم قطع خطبته فى سنة ثمان وخمسين لما قطع المستنصر الميرة عن مكة. ثم أعاد خطبة القائم فى سنة تسع وخمسين ثم قطع خطبته، فأرسل إلى أمير مكة مالا وعاتبه على قطع خطبته. فخطب له فى أيام الموسم سنة اثنتين وستين، واعتذر إلى المستنصر. انتهى. وهذا لم أر من ذكره سواه.