منها: أن أبا نمى وعمه إدريس: أخرجا نائبا كان للملك الظاهر، يقال له: مروان، نائب أمير جاندار فى سنة ثمان وستين وستمائة. وكتب إليه الملك الظاهر غير مرة بالرضا عما ارتكبه أبو نمى مما لا ينبغى فعله.
منها: فى سنة خمس وسبعين وستمائة؛ لأنى وجدت بخط الميورقى: أهان الله ولاة مكة بكتاب من والى مصر يزجرهم فيه عن الجور فى آخر سنة خمس وسبعين وستمائة.
قلت: ووالى مصر فى هذا التاريخ هو الظاهر بيبرس، ووالى مكة فى هذا التاريخ هو أبو نمى.
ووجدت فى تاريخ شيخنا ابن خلدون: أنه كان بين أبى نمى، وبين الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر منافرة، فكتب إليه الظاهر كتابا منه: من بيبرس سلطان مصر إلى الشريف الحسيب النسيب أبى نمى محمد بن أبى سعد.
أما بعد: فإن الحسنة فى نفسها حسنة، وهى من بيت النبوة أحسن، والسيئة فى نفسها سيئة، وهى من بيت النبوة أوحش.
وقد بلغنا عنك أيها السيد: أنك آويت المجرم، واستحللت دم المحرم، ومن يهن الله فما له من مكرم، فإن لم تقف عند حدك وإلا أغمدنا فيك سيف جدك، والسلام. فكتب إليه نمى:
من محمد بن أبى سعد إلى بيبرس سلطان مصر.
أما بعد: فإن المملوك معترف بذنبه تائب إلى ربه، فإن تأخذ، فيدك الأقوى، وإن تعفو، فهو أقرب للتقوى، والسلام. انتهى.
وبعض الناس يذكر فى كتاب بيبرس إلى أبى نمى غير ما سبق. وذكر: أنه كتب إليه يقول له: إنه بلغنا عنك أيها السيد: أنك أبدلت حرم الله بعد الأمن بالخيفة، وفعلت ما يحمر الوجه، ويسود الصحيفة. انتهى.
ولعل ذلك كتب مع الألفاظ السابق ذكرها، فحفظ بعضهم الأول فقط، وحفظ بعضهم الثانى فقد، وظن ظان أنهما كتابان وهما واحد. والله أعلم.
ووقع فى زمن أبى نمى فتن بعضها بينه وبين أمير الحاج، وبعضها بين الحجاج وأهل مكة ذكرناها فى تأليفنا:«شفاء الغرام ومختصراته» ونشير هنا لشيء منها باختصار.