للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفقيه، الإمام العالم الماهد، المحدث المسن فخر الزمان، علم العلماء زين الرؤساء إمام النظار، رئيس المتكلمين، أحد علماء الزمان، المتصرف أحسن التصرف فى كل فن. أصله من مرسية (١)، من بلاد الأندلس، لم يزل مشتغلا من صغره إلى كبره. وله المباحث العجيبة والتصانيف الغريبة، وجمع الأقطار فى رحلته، ارتحل إلى غرب بلاده، ثم إلى الإسكندرية، والديار المصرية، والشام، والعراقين. ودخل بلاد العجم، وناظر، وقرأ وأقرأ، واستفاد وأفاد. ولم يزل يقرى ويدرس حيث حل، ويقر له بعلمه وفضله كل محل، ثم قال: وجاور بمكة سنين كثيرة. انتهى.

وذكره القطب اليونينى، فى ذيل المرآة، وأثنى عليه، ثم قال: وجاور بمكة مدة. وذكر أنه كان مالكيا. وما ذكره من كونه مالكيا، يرد على قاضى دمشق تاج الدين السبكى، حيث ذكره فى كتابه «طبقات الفقهاء الشافعية».

ويؤيد ذلك: أن المغاربة كلهم مالكيون إلا النادر منهم. نعم كثير منهم ينتحلون الأثر، ولعل هذا منهم.

ووقع للقاضى تاج الدين فى ترجمة المذكور، شيء يتعجب منه، لفرط ذكائه وفطنته، وهو قوله بعد أن ذكر كلام ابن النجار الذى ذكرناه: لم يذكر ابن النجار وفاته. ووجه العجب، أنه لا يمكن ابن النجار أن يذكر وفاة شخص تأخر بعده اثنى عشر سنة، فإن ابن أبى الفضل توفى فى النصف من شهر ربيع الأول سنة خمس وستمائة بين الزعقة والعريش (٢) من منازل الرمل وهو متوجه من مصر إلى دمشق. ودفن من يومه بتل الزعقة.

هكذا ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته. وأرخ وفاته هكذا، غير واحد. منهم: القطب الحلبى، فى تاريخ مصر. وزاد تعيين اليوم الذى مات فيه، قال: يوم الاثنين، وقال: كان كريما.

قال شيخنا أبو حيان: أخبرنى شرف الدين الجزايرى ـ بتونس ـ أنه دخل على


(١) مرسية: بضم أوله، والسكون، وكسر السين المهملة، وياء مفتوحة خفيفة، وهاء، وهى مدينة بالأندلس من أعمال تدمير. انظر: معجم البلدان (مرسية).
(٢) العريش: بفتح أوله، وكسر ثانيه، ثم شين معجمة بعد الياء المثناة من تحت: وهى مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم فى وسط الرمل. انظر معجم البلدان (عريش)، الروض المعطار ٤١٠، صبح الأعشى ٣/ ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>