للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخذ العربية عن إمام الحنفية بمكة الشيخ شمس الدين الخوارزمى، المعروف بالمعيد، والشيخ شمس الدين محمد بن جامع البوصيرى، لما جاور بمكة، وكثرت عنايته بالفقه، فتبصر فيه وفى غيره.

وكتب بخطه ـ ولا بأس به ـ عدة كثيرة من المؤلفات، وبعضها مجلدات، وأذن له شيخنا القاضى زين الدين خلف فى التدريس، ورأيت خطه له بذلك.

وذكر لى صاحب الترجمة، أنه أذن له فى الإفتاء، وذلك فى سنة سبع وثمانمائة، بعد أن رحل من مكة إلى المدينة، وللأخذ عن شيخنا المذكور.

وجلس من بعد هذه السنة للتدريس فى موضع تدريس والده، وصار لا يترك ذلك إذا كان بمكة، إلا لشغل أو مرض، أو فى الأوقات التى يترك الناس فيها التدريس، كرمضان وأيام المراسم.

وكان يدرس بغير هذا الموضع، بزيادة باب إبراهيم، عند دار زبيدة، وكان كثير الجلوس هناك، وكان يفتى الناس كثيرا فى المدة المشار إليها، ومدة تصديه للتدريس والإفتاء، نحو خمس عشرة سنة، وكثير من فتاويه يقصد فيه المعارضة فيما رفع إلىّ من الأحكام، ويتم عليه فى ذلك أشياء كثيرة على غير السداد، وبينت له ذلك، وقف عليه مرات.

وكان قبل ذلك مائلا إلىّ فاستنبته فى العقود والفسوخ، ثم تكدر لبعض القضايا الواقعة عندى لبعض قرابته، فرغب عن ذلك، وتصدى للمعارضة بالفتوى وحب الولاية لمنصب قضاء المالكية الذى بيدى، ووليه فى حال غيبتى باليمن، بإعانة جماعة كان فى نفسهم منى شئ.

وكتب له بذلك توقيع مؤرخ بالرابع والعشرين من شوال سنة عشرة وثمانمائة، ووصل هذا التوقيع لمكة، وقرئ فى أوائل ذى الحجة منها، بمجلس أمير الحاج المصرى، ولبس لأجل ذلك خلعة وباشر الأحكام.

فلما رحل الحجاج المصريون عن مكة ليلة (١)، أتانى توقيع ـ بالولاية على عادتى ـ مؤرخ بسابع ذى القعدة منها فباشرت، وترك هو المباشرة، واستمر شديد الحرص على عوده للولاية، فلم يتم له ذلك حتى مات، مع عدم إجماله فى طلب ذلك، فلا حول


(١) على هامش نسخة التيمورية: «صوابه: ليلة الخامس عشر من ذى الحجة، لأنه كذا فى ترجمة المؤلف».

<<  <  ج: ص:  >  >>