للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان ابن عمه عنان بن مغامس بن رميثة، لما ولى إمرة مكة فى ولايته الأولى، لاءم محمد بن عجلان هذا، وأقبل كل منهما على الآخر كثيرا. واستخلف عنان محمدا هذا بجدة، وترك معه فيها من لاءمه من عبيد أحمد بن عجلان، وبعض موالى أبيه مغامس، يكون عينا على محمد، فأنهى هذا المولى إلى عنان، عن محمد تقصيرا، فكتب عنان إليه يزجره ويغلظ له، فاستشاط محمد غضبا، واستدعى كبيشا ومن معه من آل عجلان وغيرهم، فقدموا عليه جدة، واستولوا على ما فيها من أموال الكارم، وغلال المصريين بالنهب، وما قدر عنان على إزالتهم من جده، ولا استنقاذ ذلك منهم.

وكان ذلك من أعظم أسباب عزله.

وكان عجلان يرغب فى أن يكون ابنه محمد هذا، ضدا لولده أحمد بن عجلان، بأن يفعل فى البلاد فعلا يظهر به محمد، ويغضب لفعله أحمد، فيلين بذلك جانب أحمد لأبيه ـ لأنه كان قوى عليه ـ وينال بذلك مقاصد من ولده أحمد، وينال بذلك محمد أمرا فى البلاد، فلم ينهض محمد بمراد أبيه مع تيسر سبب ذلك، وصورة الحال فى ذلك: أن عجلان كتب ورقة إلى ابنه محمد، يأمره بأن يشغب هو وأصهاره الأشراف على أحمد بن عجلان، وأن يأخذ من خيل أبيه ما شاء، ويذهب إلى نخلة، ويأخذ منها أدرعا هناك مودعة له، ويأخذ ممن هى مودعة عنده ما يحتاج إليه من المصروف، ووصلت ورقته إلى ابنه محمد، وهو فى لهو مع بعض أصدقاء أخيه أحمد، فأوقفهم على ورقة أبيه، فاستغلوه وبعثوا بها إلى أخيه أحمد، وأشغلوه باللهو إلى أن بلغ أخاه الخبر، وقصد أحمد أباه فى جمع كثير، معاتبا له على ما فعل، وكان قد بلغه ما كان من ابنه محمد، فشق عليه كثير، واعتذر لأحمد، وأعرض عن محمد لقلة حزمه.

وكان محمد قصد قافلة متوجهة من مكة إلى المدينة (٢) فيها قاضى مكة أبو الفضل النويرى، فنهب محمد جمال القافلة ببدر، وتوصل من فيها إلى المدينة، وبلغ الخبر أباه عجلان، فجد فى السير حتى أتاهم بالمدينة، فاستعطفهم وأرضاهم برد الجمال، أو بمال ـ الشك منى ـ والله أعلم.

وكان محمد ـ بعد ذلك ملائما لأخيه أحمد، وأخوه مكرم له، ثم نفر منه محمد، فتوجه من مكة بعد الحج، فى سنة ست وثمانين وسبعمائة، قاصدا مصر، طالبا لخبر. فلما كان بينبع أشار عليه أمير الحاج المصرى، أبو بكر بن سنقر الجمالى، بأن يرجع إلى


(٢) على هامش من نسخة ابن فهد: «فى سنة ثلاث وسبعين».

<<  <  ج: ص:  >  >>