الأصنام، كما قال تعالى:(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)[الزمر: ٣٨]. واستدل على ذلك بغير هذه الآية.
ثم قال: وهؤلاء أعظم كفرا من جهة أن هؤلاء جعلوا عابد الأصنام عابدا لله لا عابدا لغيره، وأن الأصنام من الله تعالى، بمنزلة أعضاء الإنسان من الإنسان، ومنزلة قوى النفس من النفس، وعباد الأصنام اعترفوا بأنها غيره، وأنها مخلوقة.
ومن جهة، أن عباد الأصنام من العرب كانوا مقرين بأن للسماوات والأرض وسائر المخلوقات مغاير للسماوات والأرض وسائر المخلوقات. بل المخلوق هو الخالق. ولهذا جعل أهل قوم عاد وغيرهم من الكفار على صراط مستقيم، وجعلهم فى القرب. وجعل أهل النار يتنعمون فى النار، كما يتنعم أهل الجنة فى الجنة.
وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام، أن قوم عاد وثمود وفرعون وقومه، وسائر من قص الله تعالى قصته من أعداء الله تعالى، وأنهم معذبون فى الآخرة، وأن الله لعنهم وغضب عليهم، فمن أثنى عليهم وجعلهم من المقربين ومن أهل النعيم، فهو أكفر من اليهود والنصارى.
وهذه الفتوى لا تحتمل بسط كلام هؤلاء وبيان كفرهم وإلحادهم، فإنهم من جنس القرامطة الباطنية الإسماعيلية، الذين كانوا أكفر من اليهود والنصارى، وأن قولهم يتضمن الكفر بجميع الكتب والرسل، كما قال الشيخ إبراهيم الجعبرى، لما اجتمع بابن عربى صاحب هذا الكتاب قال: رأيته شيخا نحسا يكذب بكل كتاب أنزله الله تعالى، وبكل نبى أرسله.
وقال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام، لما قدم القاهرة، وسألوه عن ابن عربى، فقال: هو شيخ سوء مقبوح، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا. فقوله بقدم العالم؛ لأن هذا قوله. وهو كفر معروف. فكفره الفقيه أبو محمد بذلك. ولم يكن بعد، ظهر من قوله: إن العالم هو الله، وإن العالم صورة الله وهوية الله، فإن هذا أعظم من كفر القائلين بقدم العالم الذين يثبتون واجب الوجود. ويقولون: إنه صدر عنه الوجود الممكن.
وقال عنه من عاينه من الشيوخ: إنه كان كذابا مفتريا. وفى كتبه مثل «الفتوحات المكية» وأمثالها، من الأكاذيب ما لا يخفى على لبيب. ثم قال: لم أصف عشر ما يذكرونه من الكفر، ولكن هؤلاء التبس أمرهم على من لا يعرف حالهم، ما التبس أمر القرامطة الباطنية، لما ادعو أنهم فاطميون.