وينفون من الأرض، متى اتهموا بذلك، ولم يثبت عليهم، وعادتهم التصلح والتدين، وادعاء التحقيق وهم على أسوأ طريق.
فالحذر كل الحذر منهم، فإنهم أعداء الله وشر من اليهود والنصارى، لأنهم قوم لا دين لهم يتبعونه، ولا رب يعبدونه، وواجب على كل من ظهر على أحد منهم، أن ينهى أمره إلى ولاة المسلمين، ليحكموا فيه بحكم الله.
ثم قال: فمن لم يقدر على ذلك غيّر بلسانه، وبين للناس بطلان مذهبهم وشر طويتهم، ونبه عليهم بقوله مهما قدر، وحذر منهم مهما استطاع.
ومن عجز عن ذلك: غيّر بقلبه وهو أضعف المراتب. ويجب على ولى الأمر، إذا سمع بمثل هذا التصنيف، البحث عنه، وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها، وأدب من اتهم بهذا المذهب أو نسب إليه أو عرف به، على قدر قوة التهمة عليه، إذا لم يثبت عليه، حتى يعرفه الناس ويحذروه، والله ولى الهداية بمنه وفضله». كتبه عيسى الزواوى المالكى. انتهى باختصار.
وهذا السؤال، أظنه كان فى آخر العشر الأول من القرن الثامن، أو أول سنة من العشر الثانى منه.
وجرى نحو من هذا السؤال، فى آخر القرن الثامن، فى دولة الملك الظاهر برقوق (٣) صاحب الديار المصرية والشامية. وأجاب عليه جماعة من العلماء المعتبرين من أرباب المذاهب، بأن الكلام المسئول عنه كفر، إلى غير ذلك مما تضمنه جوابهم، وأسماء جميعهم لا تحضرنى الآن، ولكن منهم مولانا شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير البلقينى الشافعى، أحد المجتهدين فى مذهبه، ومن طبق ذكره الأرض علما.
(٣) برقوق بن أنص ـ أو أنس ـ العثمانى، أبو سعيد، سيف الدين، الملك الظاهر: أول من ملك مصر فى الشراكسة جلبه إليها أحد تجار الرقيق واسمه عثمان فباعه فيها منسوبا إليه ثم أعتق وذهب إلى الشام فخدم نائب السلطنة وعاد إلى مصر فكان أمير عشرة وتقدم فى دولة المنصور القلاوونى (على بن شعبان) فولى أتابكية العساكر، وانتزع السلطنة من آخر بنى قلاوون الصالح أمير حاج سنة ٧٨٤ هـوتلقب بالملك الظاهر وانقادت إليه مصر والشام، وقام بأعمال من الإصلاح، وبنى المدرسة البرقوقية ببين القصرين بمصر. انظر ترجمته فى: (ابن إياس ١/ ٢٥٨، ٢٩٠، وليم موير ١١١، الضوء اللامع ٣/ ١٠، سوبر نهيم فى دائرة المعارف الإسلامية ٣/ ٥٥٨، الأعلام ٢/ ٤٨).