وولى قضاء مكة، ونظر الأوقاف بها والربط، بعد موت شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة، وباشر ذلك بها أحد عشر شهرا، ثم عزل عن ذلك بقاضى القضاة محب الدين أحمد بن القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وباشر ذلك فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة ثمانى عشرة، إلى خامس شوال سنة تسع عشرة، ثم باشر ذلك أبو البركات، إلى أوائل ذى الحجة من هذه السنة. ثم باشر ذلك بعد عزله، القاضى محب الدين. واستمرّ أبو البركات معزولا حتى مات.
وكان قبل ذلك ينوب فى الحكم بمكة، عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، ثم حصل بينهما كدر كثير، أوجب سعيه على القاضى جمال الدين فى المنصب غير مرة، ثم توالفا ظاهرا لا باطنا، حتى مات القاضى جمال الدين، وهو على نيابته.
وأول نيابته عنه فى ربيع الآخر سنة ثمان وثمانمائة، عقيب وصوله من مصر، بولاية القاضى جمال الدين، وباشر عنه مع نيابة الحكم، نيابة الحسبة بصولة مهيبة، واشتهر ذكره، ثم تغير خاطره على مستنيبه، لاستنابته لولده القاضى محب الدين فى الخطابة والحكم، ولسعيه لولده فى مرسوم بالنيابة، وحمل ذلك القاضى أبا البركات، على السعى فى مرسوم بالنيابة، ونظر بعض الأوقاف، وأتاه هذا المرسوم، وهو متوجه لمصر فى حوائج ندبه لأجلها صاحب مكة، وبلغه فى الطريق عزل مستنيبه، وما نال بمصر قصدا فى أمر مستنيبه، وذلك فى سنة عشر وثمانمائة، وعاد فيها مع الحجاج إلى مكة.
ولما عاد مستنيبه إلى القضاء فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، استناب القاضى أبا البركات فى الحكم والحسبة، فلما كان الموسم من هذه السنة، حصل بينهما كدر؛ لأن ولدا للقاضى أبى البركات، سعى لنفسه فى نيابة القاضى جمال الدين، فى جميع وظائفه، ولأبيه فى نيابة الحكم ونظر الأوقاف بمكة، وتخيل القاضى أبو البركات، أن القاضى جمال الدين لا يعينه على قصده، فنافره وانقطع عنه، ولكنه باشر الحكم والحسبة، حتى جاء عزل القاضى جمال الدين، فى ربيع الآخر، من سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، بالقاضى عز الدين النويرى.
وسعى بعض الناس فى أن يستنيب القاضى أبا البركات، لأنه كان قد زوج بعض أولاده، على أخت القاضى عز الدين، فلم يقبل وظهر من أبى البركات شماتة بقريبه وميل عليه.
فلما عاد القاضى جمال الدين فى موسم هذه السنة، لم يستنب القاضى أبا البركات،