بينى وبين خطوب الدهر ملحمة ... سيف القناعة فيها قائم بيدى
متى دهانى من دهمائها عدد ... هززته فانثنت مهزومة العدد
وذكره فى تاريخه بمصر، وقال: كان خيرا صالحا، دينا. اجتمعت به بمصر وبمكة، ودعا لى، وانتفعت ببركته. انتهى.
وسمعت شيخنا العلامة تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير بن أبى عبد الله الفاسى، يقول: سمعت الشيخ خليل بن عبد الرحمن المالكى، يثنى على الشريف أبى عبد الله الفاسى ثناء بليغا، ويذكر له كرامات.
منها: ما حدثنى به شيخنا الشريف تقى الدين المذكور، وكتبت عنه: أنه سمع الشيخ خليل المالكى يقول: أساء شخص على الشريف أبى عبد الله الفاسى إساءة بليغة بالمسجد الحرام، فلم يخرج المسئ من المسجد، حتى عرض له داء؛ مات به سريعا.
ومنها: ما حدثنى به شيخنا الشريف تقى الدين أيضا، قال: سمعت الشيخ خليلا يقول: كان الشريف أبو عبد الله الفاسى، أسند وصيته إلى الشيخ أبى عبد الله بن الحاج، مؤلف «المدخل» فاجتمع ابن الحاج بعد موت الشريف أبى عبد الله الفاسى، بجماعة من الأعيان، من التجار وغيرهم، وسألهم فى عمل دائرة لقضاء دين الشريف أبى عبد الله؛ لأنه كان فقيرا. فرأى ابن الحاج، الشريف أبا عبد الله الفاسى فى المنام، فقال له: بع تركتى، واقض دينى.
فأعرض ابن الحاج عن هذه الرؤيا، وعدها من حديث النفس، وقال: ما عسى أن تكون تركته فى دينه، وهو فقير وغريب، وصمم على عمل الدائرة. فرآه فى المنام ثانية، فقال له: بع تركنى. ثم رآه الثالثة، وقال له: ما لك ولدينى، بع تركتى واقض دينى. فعرف أنها رؤيا حق، فجمع ابن الحاج الناس، ليبيع تركته، فبيعت بأوفى الأثمان، حتى إن إبريقه الفخار، بيع بثلاثمائة وستين درهما، وسبحته بألف درهم، وكانت ألف حبة، تفرقها الناس، وبيع صاع، مقدر على صاع النبى صلى الله عليه وسلم بمائة وثمانين.
قال الشيخ خليل: وصار لى بهذا الثمن، فقضى الله ببركته دينه من تركته، وفضلت منها فضلة لورثته.
وكانت وفاته يوم الخميس السابع والعشرين من صفر، وقيل: ثامن عشر منه، من سنة تسع عشرة وسبعمائة بمصر، ودفن بالقرافة، عند الشيخ أبى محمد بن أبى جمرة، وكان قدومه من مكة إلى مصر ليتداوى من مرض عرض له، وهو ضيق النفس، فأدركه الأجل.