شغلنا بكسب العلم عن مكسب الغنا ... كما شغلوا عن مكسب العلم بالوفر
فصار لهم حظ من الجهل والغنا ... وصار لنا حظ من العلم والفقر
وقال:
جئتمانى لتعلما سر سعدى ... تجدانى بسر سعدى شحيحا
إن سعدى لمنية المتمنى ... جمعت عفة ووجها مليحا
وقال: أنشدنى بعض الأصحاب بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن فى بنى سلمة، عند بئر رومة (٧)، لبعضهم:
لله قوم إذا حلوا بمنزلة ... حل الندى ويسير الجود إن ساروا
تحيا بهم كل أرض ينزلون بها ... كأنهم لبقاع الأرض أمطار
وقال: أخبرنى الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن عمر الزبيدى قال: أخبرنى الفقيه محمد الصمعى، وكان شيخا معمرا قد أدرك المتقدمين، قال: أخبرنى والدى أنه كان حاضرا حين أخرج الملك المسعود بن الملك الكامل، الشيخ محمد بن أبى الباطل، من بلاد اليمن، وعزم على تسفيره إلى بلاد الهند، فحضر جماعة لوداعه، فأنشده بعضهم:
ليت شعرى أى أرض أجدبت ... فأغيثت بك من بعد تلف
ساقك الله إليها رحمة ... وحرمناك بذنب قد سلف
فوصل الشيخ إلى ثغر عدن، وتوفى بها إلى رحمة الله تعالى. فكان رحمة لأهل عدن، رحمه الله ورضى عنه، ونفعنا ببركته آمين.
وقال: سمعت الأخ الكريم القدوة، أبا أحمد خليفة بن عطيفة، صاحب الشيخ أبى العباس المرسى يقول: سمعت سيدى أبا العباس ـ رضى الله عنه ـ يقول: العارف هو الذى تم له السبيل إلى كل شئ.
ودخلت على الشيخ أبى عبد الله الوشيكى ـ رحمه الله تعالى ـ بمنزله بمدينة فاس، مودعا له عند سفرى إلى المشرق، سنة تسع وسبعين وستمائة، فقال لى: أوصيك؟ قلت: نعم. قال: إذا قيل لك هذه مكة شرفها الله تعالى وهذا رجل من أهل الله، فابدأ بالرجل. وليتنى فعلت ما قال لى، فإنه يفوت، ومكة شرفها الله تعالى، لا تفوت.
(٧) بئر رومة: بضم الراء، وسكون الواو، وفتح الميم: وهى بئر فى عقيق المدينة ولها قصى فى صحيح البخارى فى مناقب عثمان بن عفان حين اشترى البئر من اليهودى. انظر معجم البلدان (بئر رومة).