ومن دمشق: قاضيها أبو القاسم الحرستانى، والعلامة أبو اليمن الكندى، وجماعة يجمعهم كلهم معجمه الذى خرجه لنفسه فى ثلاث مجلدات كبار. وكان عنى بهذا الشأن كثيرا، وخرج لنفسه ولغير واحد من شيوخ عصره. ووقع له فى معجمه أوهام قليلة كما ذكره الذهبى، ووقع له وهم فى بعض تخاريجه على ما ذكر أيضا؛ لأنه خرج لابن الجميزى، من رابع المحامليات عن شهدة، قال: وهذا خطأ، وكتب بخطه الكثير، وكان يكتب بالمغربى والمشرقى خطأ حسنا. وكان سريع الكتابة؛ لأنى وجدت بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل، أنه سمع الرضى الطبرى يقول: إنه سمع ابن مسدى يقول: كنت أكتب قبل أن أتغدى كراسين. انتهى.
وله تواليف كثيرة، منها: الأربعون المختارة، فى فضل الحج والزيارة، وغير ذلك فى الحديث، ومنسك ذكر فيه خلاف العلماء. ونظم ونثر حسن، وخطب. وحدث بأشياء من ذلك، ومن مروياته.
وآخر الرواة عنه: مسند الشام فى عصره، أحمد بن على الجزرى، له منه إجازة، قرأ عليه بها الشريف أبو المحاسن محمد بن على بن حمزة الحسينى، ومن خطه استفدت ذلك.
وقد روى عنه جماعة من الأعيان، منهم: أبو اليمن بن عساكر، وأبو عبد الله بن النعمان، والعفيف بن مزروع، والحافظ الدمياطى، وجماعة كثيرون، وآخرهم وفاة: الرضى الطبرى، إمام المقام، وأشك فى سماع القاضى بدر الدين بن جماعة منه، فإن صح سماعه، فهو آخر أصحابه بالسماع. والله أعلم.
وكتب عنه الرشيد العطار، ومات قبله.
وذكره جماعة من الحفاظ، ووصفوه بالحفظ، منهم: منصور بن سليم الهمدانى، وقال: كان حافظا متقنا. والشريف أبو القاسم الحسينى، وقال: كان فاضلا حسن المعرفة بالصناعة الحديثية. والقطب الحلبى، وقال: كان يميل إلى الاجتهاد، ويؤثر الحديث. والحافظ الذهبى، وقال فى الميزان: كان من بحور العلم، ومن كبار الحفاظ، له أوهام، وفيه تشيع، ورأيت جماعة يضعفونه، وله معجم فى ثلاث مجلدات كبار، طالعته وعلقت منه كثيرا. قتل بمكة. انتهى.
وقال فى طبقات الحفاظ: وله تصانيف كثيرة، وتوسع فى العلوم، وتفنن، وله اليد الطولى فى النظم والنثر، ومعرفة بالفقه وغير ذلك، وفيه تشيع وبدعة. وذكر أن الشيخ رضى الدين الطبرى، كان يمتنع من الرواية عنه. انتهى.