للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حجهم إلى عمرة، ويتحللوا حلا تاما، ثم يهلّوا بالحج وقت خروجهم إلى منى؛ وقال: «ثم لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى، ولجعلتها عمرة» (١)؛ وهذا دليل ظاهر أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن متمتعا ـ كما ذهب إليه بعض أصحاب الإمام أحمد وغيرهم.

وقدم على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ من اليمن، فقال له النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إنى سقت الهدى وقرنت»؛ روى هذا اللفظ أبو داود وغيره من الأئمة بإسناد صحيح، وهو صريح فى القران.

وقدم مع على ـ رضى الله عنه ـ من اليمن هدايا، فأشركه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى هديه أيضا، فكان حاصلهما مائة بدنة (٢) ثم خرج ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى منى (٣)، فبات بها، وكانت ليلة الجمعة التاسع من ذى الحجة؛ ثم أصبح فسار إلى عرفة، وخطب بنمرة خطبة عظيمة، شهدها من أصحابه نحو من أربعين ألفا ـ رضى الله عنهم ـ وجمع بين الظهر والعصر؛ ثم وقف بعرفة فحج على رحل، وكانت زاملته، ثم بات بالمزدلفة، وجمع بين المغرب والعشاء ليلة إذ، ثم أصبح فصلى الفجر فى أول وقتها، ثم سار قبل طلوع الشمس إلى منى (٤)، فرمى جمرة العقبة، ونحر (٥) وحلق (٦)، ثم أفاض فطاف بالبيت


(١) أخرجه البخارى ٣/ ٤٠٢، ٤٠٣ من حديث جابر، وقد جاء عن أنس قال: خرجنا نصرخ بالحج، فلما قدمنا مكة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة وقال: «لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لجعلتها عمرة ولكن سقت الهدى، وقرنت بين الحج والعمرة» رواه أحمد. قال: الشوكانى: وهو متفق على مثل معناه من حديث جابر، وبه استدل من قال بأن التمتع أفضل أنواع الحج. انظر: (نيل الأوطار ٤/ ٣١٤، ٣١٥، زاد المعاد ٢/ ١٨٤، ٢٣٢، ٢١٥).
(٢) البدنة: الناقة أو البقرة، تنحر بمكة قربانا وكانوا يسمنونها لذلك. جمع بدن وبدن. وفى التنزيل العزيز: (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ).
(٣) فعن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وأخرجه أيضا الترمذى والحاكم، لأحمد فى رواية: قال: صلى النبى صلى الله عليه وسلم بمنى خمس صلوات. انظر: (نيل الأوطار ٥/ ٥٥). وفى حديث جابر قال: لما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول اللهصلى الله عليه وسلم بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. انظر: (نيل الأوطار ٥/ ٥٥، سبل السلام ٢/ ٧٢٨).
(٤) انظر: زاد المعاد ٢/ ٢٥٦.
(٥) قال ابن القيم: فنحر ثلاثا وستين بيده، وكان ينحرها قائمة، معقولة يدها اليسرى. أخرجه أبو داود (١٧٦٧) من حديث جابر وكان عدد هذا الذى نحره عدد سنين عمره، ثم أمسك وأمر عليّا أن ينحر ما غبر من المائة. انظر: (زاد المعاد ٢/ ٢٥٩).
(٦) انظر: (زاد المعاد ٢/ ٢٦٨ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>