جماعة الأربعين التساعية له، ومنسكه الكبير وغير ذلك، وعليه وعلى القاضى موفق الدين الحنبلى، قاضى الحنابلة بمصر، جزء ابن نجيد، ثم على جماعة من شيوخ مكة بطلبه، وسمع بالقاهرة من قاضيها أبى البقاء السبكى، صحيح البخارى، ومن غيره، وسمع بحلب، وأجاز له جماعة من أصحاب ابن البخارى وطبقته وغيرهم.
وحفظ كتبا علمية فى صغره، واشتغل فى الفقه والأصول والعربية، والمعانى والبيان والأدب، وغير ذلك.
وكان ذا فضل ومعرفة تامة بالأحكام والوثائق، وله نظم كثير ونثر، ويقع له فى ذلك أشياء حسنة.
ومن شيوخه فى الفقه والنحو الشيخ أبو العباس بن عبد المعطى المكى النحوى، وأذن له فى الإفتاء، والشيخ موسى المراكشى، وأخذ عن القاضى أبى الفضل النويرى أشياء من العلم، ومن غير واحد بمصر وغيرها، ودرس وأفتى كثيرا وحدث. أخذت عنه بمنى ومكة، وسمع من الطلبة، وله تواليف فى مسائل.
وناب عنى فى الحكم بأخرة، وقبلى عن ابن أخته القاضى سراج الدين عبد اللطيف ابن أبى الفتح الحنبلى، وعن القاضى جمال الدين بن ظهيرة فى وقائع، وناب فى مثل ذلك عن القاضى محب الدين النويرى، ووالده القاضى أبى الفضل، وناب فى العقود عن القاضى محب الدين النويرى وعن ابنه القاضى عز الدين النويرى.
وولى مباشرة الحرم بعد أبيه فى سنة إحدى وسبعين، وباشر ذلك من هذا التاريخ إلى حين وفاته ودخل ديار مصر مرات، والشام مرتين، واليمن مرتين. وزار المدينة النبوية مرات كثيرة، وكان فى بعضها ماشيا، وجاور بالمدينة أوقاتا كثيرة وكان معتبرا فى بلده، وله مكانة عند ولاتها وقضاتها، ويدخلونه فى أمورهم وينهض بالمقصود منه، وكان كثير المروءة والإحسان إلى الفقراء وغيرهم.
توفى بإثر صلاة الصبح بكرة يوم الجمعة الحادى والعشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة بمكة، وصلى عليه عقيب الجمعة عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة بجوار ابنته السيدة أم هانئ، وكان بها مغرما. وماتت فى مستهل صفر سنة ست عشرة وثمانمائة، وكانت جنازتهما مشهودة.
ومن شعره مدائح نبوية، ومدائح فى أمراء مكة، منهم السيد حسن بن عجلان، ورزق منه قبولا وصاهره على ابنته أم هانئ، فمن مدائحه فيه، قوله من قصيدة سمعتها