الشيخ شهاب الدين الحرازى، أخبره أن المطر وقع عند ختمه مرات؛ لأنه سأل الله تعالى فى ذلك.
وألفيت منقولا من خط شيخنا برهان الدين الأبناسى فى استدعاء أجاز فيه، وذكر فيه شيئا من مسموعاته، فقال بعد أن ذكر شيئا مما قرأه بمكة: وبها قرأت الشفاء للقاضى عياض على الشيخ شهاب الدين الحرازى.
وأخبرنى أنه ما قرئ عليه قط هذا الكتاب، إلا أمطرت مكة. فلما كان يوم ختمه ضعف الشيخ شهاب الدين، فذهب جماعة إلى بيته، وليس فى السماء سحاب ولا قزعة (١) فقرأت عليه المجلس الأخير، فو الله ما ختمت الكتاب إلا وأبواب السماء تفتحت بالأمطار، وجاء السيل حتى دخل الحرم الشريف. انتهى. وهذا أفود مما سمعته من شيخنا؛ ولذلك ذكرته.
وقد سمع عليه جماعة من شيوخنا، منهم الحافظان: زين الدين العراقى ـ وانتقى عليه جزء من حديثه ـ وأبو الحسن الهيثمى.
وكانت له معرفة تامة بالفقه، مع مشاركة فى غيره وعبادة وديانة. ودرس وأفتى مدة بمكة، وصار شيخها والمعتمد عليه فى الفتوى بها، وكان أذن له فى ذلك قاضى حماة شرف الدين البارزى.
وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أن الفتيا بمكة بعد القاضى نجم الدين، دارت عليه وعلى الأصفونى، حتى مات الأصفونى، ثم دارت عليه بمفرده حتى مات. وكان يرجح على الأصفونى، وبعضهم يرجح الأصفونى عليه، وهو أقرب. انتهى.
توفى ليلة الاثنين ثانى عشر شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بعد أن صار يحمل إلى المسجد، عجزا عن المشى. نقلت وفاته من خط شيخنا العراقى.
ومولده سنة خمس وسبعين وستمائة، وعلى ما وجدت بخط ولده أبى عبد الله الحرازى فيما أظن. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر، أنه ولد سنة ست وسبعين، فى اليوم الذى مات فيه التوزرى، رحمهم الله. والله أعلم بحقيقة ذلك.
* * *
(١) القزعة: قطعة من الغيم، وجمعها: قزع. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر (قزع).