النوم، وقال لها: سلمى على أبى العباس ـ يعنى المذكور ـ وقولى له: رسول الله يسلم عليك؛ فلما مر بها أبو العباس يريد الطواف، نادته إليها وكان بالمسجد، فأخبرته بقول النبى صلى الله عليه وسلم لها فى حقه، فسر بذلك وكشف رأسه وطاف بالبيت سبعا شكرا لله تعالى، وهو مكشوف الرأس. هذا معنى ما أخبرنى به صاحبنا فى هذه القصة.
وبلغنى أنه لم يطف مكشوف الرأس إلا شوطا واحدا، وأنه بكى كثيرا لما أخبر بهذه الرؤيا.
ومن أخباره الحسنة، ما صح لى عن الشيخ كمال الدين الدميرى، قال: اتفق بمكة مطر منعنى من الحضور ليلا إلى عيالى، وهم بمنزل الشيخ أبى العباس المذكور، فنمت برباط الخوزى؛ فلما صليت الصبح، أتيت إلى منزلى، فسمعت الشيخ أبا العباس يفتح بعض الأبواب، وسمع طرقى للباب، فقال: من؟ فقلت: محمد، فقال: كمال الدين؟ قلت: نعم. فقال لى: صلوا الصبح؟ فقلت: نعم، فبكى كثيرا، فقلت له: ما يبكيك يا سيدى؟ فقال: لى أربعون سنة ما فاتتنى صلاة الصبح فى الجماعة.
هذا معنى ما بلغنى فى هذه الحكاية.
وقد رويت للشيخ أبى العباس المذكور منامات تدل على خيره.
أنشدنى العلامة أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى المكى لنفسه إجازة [من البسيط]:
لم تغمض العين بعد الهجر أجفانا ... لا وأخذ الله بالهجران أجفانا
يا أهل ذاك الحمى من حى كاظمة ... لا تبعدوا بالنوى من ذاق أشجانا
مذ بنتم بان صبرى بعدكم ونفا ... عنا الكرى بانكم فالبين أشجانا
لا تجنحوا لو شاة الحى ما نظرت ... مذ غاب حيكم العينان إنسانا
ما غاب عن ناظرى محياكم أبدا ... إلا وذكراكم فى القلب أحيانا
جودوا علينا بوصل من جنابكم ... وسامحونا ولو بالطيف أحيانا
من لى برد زمان فى دياركم ... أجر تيها بها ذيلا وأردانا
آه على ما مضى من عيشنا رغدا ... لو دام وصلكم ما كان أسنانا
إذا ذكرت اجتماعى فى معالمكم ... أبكى الدماء كأنى كنت وسنانا
ما كان أحسن أيامى بقربكم ... ما كان أبهجها ما كان أهنانا
والله لا حلت عن أقصى ودادكم ... يا أهل كاظمة سرا وإعلانا