يقول إذا شكت عليه أموره ... ألا ليت ميتا بالضريبة ينشر
فدع عنك ميتا قد مضى لسبيله ... وأقبل على الحى الذى هو أفقر
ثم أسلم أبان بعد ذلك.
قال: وهو الذى أجار عثمان رضى الله عنه، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش، فى عام الحديبية. وحمله على فرسه حتى دخل به مكة، وقال: قال عمى مصعب، قال له [من المنسرح]:
أقبل وأدبر ولا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزة الحرم
قال الزبير: وحدثنى عبد الله بن عبد الله بن عنبسة بن سعيد، قال: جاء عثمان بن عفان رضى الله عنه مكة عام الحديبية، برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش، فقالت له قريش: شمر إزارك. فقال أبان بن سعيد [من المنسرح]:
أسبل وأقبل ولا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزة الحرم
فقال عثمان رضى الله عنه: التشمير من أخلاقنا. انتهى.
قال ابن الأثير (٣): وكان أبان شديدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وكان سبب إسلامه، أنه خرج تاجرا إلى الشام، فلقى راهبا فسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إنى رجل من قريش، وإن رجلا منا خرج فينا يزعم أنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أرسله مثل ما أرسل موسى وعيسى، فقال: ما اسم صاحبكم؟ قال: محمد، قال الراهب: فإنى أصفه لك فذكر صفة النبى صلى الله عليه وسلم وسنه ونسبه، فقال أبان: هو كذلك.
فقال الراهب: والله ليظهرن على العرب، ثم ليظهرن على الأرض. وقال لأبان: اقرأ على الرجل الصالح السلام.
فلما عاد إلى مكة سأل عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يقل عنه وعن أصحابه، كما كان يقول، وكان ذلك قبل الحديبية، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى الحديبية، فلما عاد منها، تبعه أبان فأسلم وحسن إسلامه.
ثم قال: واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، على البحرين، لما عزل عنها العلاء بن الحضرمى. فلم يزل عليها إلى أن توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى المدينة. فأراد أبو بكر رضى الله عنه أن يرده إليها. فقال: لا أعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: بل عمل لأبى بكر رضى الله عنه على بعض اليمن. والله أعلم. ثم قال: وكان أبان رضى الله عنه، أحد
(٣) انظر: أسد الغابة فى معرفة الصحابة لابن الأثير (١/ ٣٥).