والشر، فعليه أن يتبع ما وجد عليه الآباء والأجداد من زعماء عصره ولو كانوا لا يعقلون شيئا ولا يهتدون.
ثم ذكر سبحانه ما يجول فى صدور أولئك المنافقين من أمانىّ فقال:
(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً) أي إن هؤلاء لا يقنعون بما هم عليه من الضلال والغواية، بل يطمعون أن تكونوا أمثالهم وتحذوا حذوهم حتى يقضى على الإسلام الذي أنتم عليه، وهذا منتهى ما يكون من الغلوّ والتمادي فى الكفر، حيث لا يكتفون بضلالهم بل يرجون إضلال غيرهم.
ثم حذر المؤمنين من غوائل نفاقهم فقال:
(فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي وإذا كانت هذه حالهم فلا تتخذوا منهم أنصارا يساعدونكم على المشركين حتى يؤمنوا ويهاجروا ويشاركوكم فى سائر شئونكم، فإن الصادقين فى إيمانهم لا يدعون النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه عرضة للخطر، ولا يتركون الهجرة إلا إذا عجزوا عنها، وإذا فتركهم لها علامة على نفاقهم الذي اختلفتم فيه.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) أي فإن أعرضوا عن الهجرة فى سبيل الله ولزموا مواضعهم فى خارج المدينة فخذوهم إذا قدرتم عليهم واقتلوهم أينما وجدتموهم فى الحلّ أو فى الحرم، ولا تتخذوا منهم وليا يتولى شيئا من مهامّ أموركم ولا نصيرا ينصركم على أعدائكم.
وقد استثنى منهم من تؤمن غائلتهم بأحد أمرين:
(١)(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أي إلا الذين يتصلون بقوم معاهدين للمسلمين فيدخلون فى عهدهم ويرضون بحكمهم فيمتنع قتالهم مثلهم.
(أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) أي أو جاءوكم قد ضاقت صدورهم عن قتالكم وعن قتال قومهم فلا تنشرح لأحد الأمرين.
وخلاصة ذلك- أن يجيئوا المسلمين مسالمين لا يقاتلونهم ولا يقاتلون قومهم معهم