يدفعها إلى أهل المقتول، وقد بينتها السنة وحددتها على الوجه الذي كان مقبولا عند العرب وهى مائة بعير مختلفة فى السن أو قيمتها إذا حصل التراضي بين الدافع والمستحق، ودية المرأة نصف دية الرجل، لأن المنفعة التي تفوت أهل الرجل بفقده أعظم من المنفعة التي تفوت بفقدها.
وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا جاء فيه «إن من اعتبط (قتل بغير سبب شرعى) مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود (أي قصاص يقتل به) إلا أن يرضى أولياء المقتول- وإن فى النفس الدية مائة من الإبل- ثم قال وعلى أهل الذهب ألف دينار»
وفى هذا دليل على أن دية الإبل على أهلها إذا كانت هى رأس أموالهم، وأن الذين يتعاملون بالذهب كأهل المدن تكون من الذهب أو الفضة، وعلى أن هذا أصل لا قيمة للإبل.
(إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) أي إن الدية تجب على القاتل قتلا خطأ لأهل المقتول إلا أن يعفوا عنها ويسقطوها باختيارهم، لأنها إنما وجدت تطييبا لقلوبهم حتى لا تقع عداوة ولا بغضاء بينهم وبين القاتل، وتعويضا عما يفوتهم من المنفعة بقتله، فإذا هم عفوا فقد طابت نفوسهم وانتفى المحذور وكانوا هم ذوى الفضل على القاتل، وقد سمى الله هذا العفو تصدقا ترغيبا فيه.
(فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أي فإن كان المقتول من أعدائكم وهو مؤمن كالحارث بن يزيد كان من قريش وهم أعداء النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون فى حرب معهم ولم يعلم المسلمون إيمانه لأنه لم يهاجر وقد قتله عياش حين خروجه مهاجرا وهو لم يعلم بذلك، ومثله كل من آمن فى دار الحرب ولم يعلم المسلمون بإيمانه حين قتله- فالواجب على قاتله عتق رقبة من أهل الإيمان فقط، ولا تجب الدية لأهله لأنهم أعداء يحاربون المسلمين فلا يعطون من أموالهم ما يستعينون به على قتالهم والتنكيل بهم.