(وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) وهم الذين عاهدوكم على السلم لا يقاتلونكم ولا تقاتلونهم كما هو حال الدول فى العصر الحاضر يعقد بعضهم معاهدات ومواثيق مع بعض آخر ألا يقاتلوهم ولا يساعدوا عليهم عدوا.
(فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أي فالواجب فى قتل المعاهد كالواجب فى قتل المؤمن دية إلى أهله تكون عوضا عن حقهم، وعتق رقبة مؤمنة تكون كفارة عن حق الله الذي حرم قتل المعاهد كما حرم قتل المؤمن، ولم يعين هذه الدية للإشارة إلى أن للعرف العام والخاص حكمه ولا سيما إذا ذكر ذلك فى عقد الميثاق الذي بينهما، لأن هذا النص يكون أقطع لعرق النزاع وأجدر بالتراضي.
وقد اختلف الفقهاء فى دية غير المسلمين لاختلاف الرواية فى ذلك،
روى أحمد والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «عقل (دية) الكافر نصف دية المسلم»
وروى عن أحمد «أن ديته كدية المسلم إن قتل عمدا وإلا فنصف ديته» وذهب الزهري وأبو حنيفة إلى أن ديته كدية المسلم لظاهر الآية فى أهل الميثاق وهم المعاهدون وأهل الذمة وعلى الجملة فالروايات متعارضة ومن ثم اختلف فيها الفقهاء.
وظاهر الآية يدل على أن الدية على القاتل ولكن السنة بينت أن العاقلة (العائلة) وهم عصبته الأقربون هم الذين يدفعون الدية.
وحكمة هذا تقرير التضامن بين الأقربين، وإذا عجزت العاقلة عن دفعها جعلت فى بيت المال (وزارة المالية) .
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) أي فمن لم يجد رقبة يعتقها بأن لم يجد مالا يشتريها به من مالكها ليحررها من الرق، أو لم يجد رقيقا (وهذا مقصد من مقاصد الإسلام) فعليه صيام شهرين متتابعين قمريين لا يفصل بين يومين منهما إفطار فى النهار، فإن أفطر يوما بغير عذر شرعى استأنفه وكان ما صامه قبل كأن لم يكن.
(تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) أي قد شرعها لكم، ليتوب عليكم ويطهر نفوسكم من التهاون وقلة التحري التي تفضى إلى القتل الخطأ.