ذلك ليطلقها كما جاء فى قوله تعالى:«فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ» وإنما يحل له ذلك إذا كان برضاها، لاعتقادها أن فى ذلك الخير لها بلا ظلم لها ولا إهانة.
وقد روى أن امرأة أراد زوجها أن يطلقها لرغبته عنها وكان لها منه ولد فقالت له:
لا تطلقنى ودعنى أقوم على ولدي وتقسم لى فى كل شهرين، فقال إن كان هذا يصلح فهو أحبّ إلىّ، فأقرها على ما طلبت.
(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) من التسريح والفراق، لأن رابطة الزوجية من أعظم الروابط وأحقها بالحفظ، وميثاقها من أغلظ المواثيق.
وعروض الخلاف بين الزوجين وما يترتب عليه من نشوز وإعراض وسوء معاشرة من الأمور الطبيعية التي لا يمكن زوالها من البشر.
وأجمل ما جاء فى الإسلام لمنعه هو المساواة بينهما فى كل شىء إلا القيام برياسة الأسرة، لأنه أقوى من المرأة بدنا وعقلا وأقدر على الكسب وعليه النفقة كما جاء فى قوله «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ» .
فيجب على الرجل أن يعاشرها بالمعروف وأن يتحرى العدل بقدر المستطاع.
(وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) أي إن النفوس عرضة له، فإذا عرض لها داع من دواعى البذل ألمّ بها الشح والبخل ونهاها أن تبذل ما ينبغى بذله لأجل الصلح، فالنساء حريصات على حقوقهن فى القسم والنفقة وحسن العشرة، والرجال حريصون على أموالهم أيضا، فينبغى أن يكون التسامح بينهما كاملا، إذ هما قد ارتبطا ارتباطا وثيقا بذلك الميثاق العظيم وأفضى بعضهما إلى بعض.
ثم رغب فى بقاء الرابطة الزوجية جهد المستطاع فقال:
(وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) أي وإن تحسنوا العشرة فيما بينكم وتتقوا أسباب النشوز والإعراض وما يترتب عليهما من الشقاق، فإن الله كان خبيرا بذلك لا يخفى عليه شىء منه، فهو يجازى من أحسن الحسنى ويثيبه على ذلك.
ثم بين أن العدل بين النساء فى حكم المستحيل، فعلى الرجل أن يعمل جهد المستطاع قال