وعبر بالخبير ولم يعبر بالعليم، لأن الخبرة العلم بدقائق الأمور وخفاياها، والشهادة يكثر فيها الغشّ والاحتيال حتى لقد يغش الإنسان فيها نفسه ويلتمس المعاذير فى كتمان الشهادة أو تحريفها.
فليتدبر المسلمون ذلك، وليعملوا بهدى كتابهم، ويقيموا الشهادة بالحق، ففى ذلك فلاحهم فى دينهم ودنياهم.
فقد روى عن ابن عباس «أن هذه الآية نزلت فى عبد الله بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس وسلام بن أخت عبد الله بن سلام ويامين بن يامين، إذ أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا نؤمن بك وبكتابك وبموسى وبالتوراة وعزير ونكفر بما سوى ذلك من الكتب والرسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله- فقالوا لا نفعل، فنزلت، قال فآمنوا كلهم»
وقيل: إن الخطاب فيها للمؤمنين كافة، والمعنى ازدادوا فى الإيمان طمأنينة ويقينا وآمنوا برسوله خاتم النبيين وبالقرآن الذي نزّله عليه وبالكتب التي نزّلها على رسله من قبله، فإنه لم يترك عباده فى زمن ما محرومين من البينات والهدى.
وبعد أن أمر بالإيمان بما ذكر توعد من كفر بذلك فقال:
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً) أي ومن يكفر بالله أو بملائكته أو ببعض كتبه أو رسله أو اليوم الآخر (وهى أسس الدين وأركانه) فقد ضل عن صراط الحق الذي ينجّى صاحبه فى الآخرة من العذاب الأليم، ويمتعه بالنعيم المقيم.
ومن فرّق بين كتب الله ورسله فآمن ببعض وكفر ببعض كاليهود والنصارى