يعرف بدعوته إلى التوحيد والحق لا بمجرد أعجوبة يعملها كما نصت على ذلك التوراة فى سفر تثنية الاشتراع وغيره.
وأيا ما كان فلا فائدة فى إجابتهم إلى ما طلبوا كما قال تعالى:«وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ» .
ونسب سؤال موسى إليهم والذين سألوا إنما هم سلفهم، لأن الخلف والسلف سواسية فى الأخلاق والصفات، فالأبناء يرثون الآباء ولا سيما اليهود الذين يأبون مصاهرة الغرباء، ولأن سنة القرآن قد جرت على أن الأمة تعد كالشخص الواحد فى اتباع خلفها لسلفها، فينسب إلى المتأخر ما فعله المتقدم كما سبق هذا فى سورة البقرة فى مخاطبة اليهود وغيرهم.
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) الصواعق نيران جوية تنشأ من اتحاد الكهرباء الموجبة بالكهرباء السالبة، وقوله بظلمهم: أي بسبب ظلمهم: أي إن الله تعالى عاقبهم على جهلهم بإنزال الصاعقة عليهم عذابا لهم، إذ شبهوا الخالق بالمخلوق ورفعوا أنفسهم فوق أقدارها كما قال تعالى «وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» .
(ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) تقدم هذا فى سورة البقرة: أي وبعد أن جاءتهم المعجزات على يد موسى عليه السلام من قلب العصا حية واليد بيضاء وفلق البحر وغيرها، اتخذوا العجل إلها وعبدوه، فعفونا عن ذلك الذنب حين تابوا، فتوبوا أنتم مثلهم حتى نعفو عنكم مثلهم.
(وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) السلطان هنا بمعنى السلطة: أي إننا أعطيناه سلطة ظاهرة فأخضعناهم له على تمردهم وعنادهم حتى فى قتل أنفسهم.
وفى هذا بشارة للنبى صلى الله عليه وسلم بأن هؤلاء الكفار وإن كانوا يعاندون فإنك ستتغلب عليهم آخرا وتقهرهم.
ثم حكى عز اسمه عنهم سائر جهالاتهم وإصرارهم على أباطيلهم وقد تقدم بعضها فى سورة البقرة فقال: