(وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ) الطور الجبل المعروف رفع فوقهم كأنه ظلة وقد كانوا فى واديه، وقوله بميثاقهم: أي بسبب ميثاقهم أن يأخذوا ما أنزل إليهم بقوة ويعملوا به مخلصين ثم امتنعوا من العمل بما جاء به فرفع عليهم الجبل فخافوا وقبلوا العمل به.
(وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) الباب هو باب المدينة وهى بيت المقدس وقيل أريحا، وقوله سجدا: أي خاضعى الرءوس مائلى الأعناق ذلة وانكسارا لعظمته: أي وقلنا لهم على لسان يوشع عليه السلام ادخلوا باب هذه القرية بذلة وانكسار.
(وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ) والاعتداء تجاوز الحد، والاعتداء فى السبت هو اصطياد الحيتان فيه: أي وقلنا لهم على لسان داود عليه السلام لا تتجاوزوا حدود الله فيه بالعمل الدنيوي، وقد خالفوا فى السبت وفى دخول الباب.
(وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) الميثاق الغليظ العهد المؤكد: أي وأخذنا منهم عهدا مؤكدا ليأخذنّ التوراة بقوة، وليقيمنّ حدود الله ولا يتعدونها، ويتبع ذلك البشارة بعيسى ومحمد عليهما السلام وهو موجود إلى الآن فى الفصل التاسع والعشرين وما بعده من سفر تثنية الاشتراع وهو آخر التوراة التي بأيديهم.
(فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) أي فبسبب نقض أهل الكتاب للميثاق الذي واثقهم الله به فأحلوا ما حرمه وحرموا ما أحله، وكفرهم بآياته وحججه الدالة على صدق أنبيائه، وقتل الأنبياء الذين أرسلوا لهدايتهم كزكريا ويحيى عليهما السلام.
(وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ) جمع أغلف وهو ما عليه غلاف: أي لا ينفذ إليها شىء مما جاء به الرسول ولا يؤثر فيها وهذا كقوله حكاية عن المشركين «وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ» وغير ذلك من سيئاتهم التي ستذكر بعد- فعلنا بهم ما فعلنا من لعن إلى غضب إلى ضرب الذلة والمسكنة وإزالة الملك والاستقلال، لأن هذه الذنوب فرقت شملهم وذهبت بقوتهم وأفسدت أخلاقهم إلى غير ذلك من أنواع البلاء التي سببها الكفر والعصيان.