أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته) فدين المسيح مبنى على التوحيد المحض، وهو دين الله الذي أرسل به جميع رسله.
وفى هذه المقالة تنبيه إلى ما هو الحجة القاطعة على فساد قول النصارى لأنه عليه السلام لم يفرق بين نفسه وغيره فى أن دلائل الحدوث ظاهرة على الجميع.
وبعد أن أمرهم عليه السلام بالتوحيد الخالص، أتبعه بالتحذير من الشرك والوعيد عليه، فقال:
(إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) أي إن كل من يشرك بالله شيئا من ملك أو بشر أو كوكب أو حجر أو نحو ذلك فيجعله ندّا له أو متحدا به، أو يدعوه لجلب نفع أو دفع ضرر، أو يزعم أنه يقرّ به إليه زلفى فيتخذه شفيعا ليؤثر فى إرادته تعالى وعلمه، ويحمله على شىء غير ما سبق به علمه وخصصته إرادته فى الأزل- من يفعل ذلك فإن الله قد حرم عليه الجنة فى سابق علمه، وبمقتضى شرعه الذي أوحاه إلى جميع رسله، فلا مأوى له إلا النار التي هى دار العذاب والذل والهوان- وما للظالمين لأنفسهم بشركهم بالله من نصير ينصرهم ولا شفيع ينقذهم مما يحل بهم «مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ» .
وفى هذا إيماء إلى أن النصارى كانوا يتكلمون على كثير من القديسين، إذ كانت وثنية الشفاعة قد فشت فيهم وإن لم تكن من أصل دينهم.
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) أي لقد كفر الذين قالوا إن الله خالق السموات والأرض وما بينهما- ثالث أقانيم ثلاثة، أب والد غير مولود، وابن مولود غير والد، وزوج متتبعة بينهما.
والخلاصة- إن الفرق ثلاثة:
(١) إن إلههم ثالث ثلاثة (٢) إن الله هو المسيح ابن مريم (٣) إن المسيح هو ابن الله وليس هو الله والمتأخرون من النصارى يقولون بالأقانيم الثلاثة وأن كل واحد منهما عين الآخر