وقال فى داود وسليمان معا:«وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً» .
ومنهم من أوتى الحكم والنبوة كالأنبياء الذين كانوا يحكمون بالتوراة، ومنهم من لم يؤت إلا النبوة فقط.
والخلاصة- إن كل من أوتى الكتاب أوتى الحكم والنبوة، وكل من أوتى الحكم ممن ذكر كان نبيا، وما كل نبى منهم كان حاكما ولا صاحب كتاب منزل، وهذه هى مراتب الفضل بينهم صلوات الله عليهم.
(فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) أي فإن يكفر هؤلاء المشركون من أهل مكة بالكتاب والحكم والنبوة- فقد وكلنا برعايتها، ووفقنا للإيمان بها وتولى نصر الداعي إليها قوما كراما ليسوا بكافرين بها، فمنهم من آمن بها ومنهم من سيؤمن عند ما يدعى إليها.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس فى قوله:«فإن يكفر بها هؤلاء» يعنى أهل مكة، فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين يعنى أهل المدينة والأنصار اهـ.
والذي عليه المعول- أن الموكلين بها هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلقا، فإن المهاجرين قد كانوا أول من آمن بها وكانوا بعد الهجرة فى المقدمة فى كل عمل وجهاد ولكن الأنصار هم المقصودون بالذات، لأن القوة والمنعة لم تكن إلا بهم، ومن ثم قال:«لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ» والأنصار لم يكونوا عند نزول هذه السورة مؤمنين.
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) الهدى ضد الضلال. ويطلق شرعا على الطريق الموصل إلى الحق وهو الطريق المستقيم الذي نطلبه فى صلاتنا وعلى سلوك ذلك الطريق والاستقامة فى السير عليه.
أي إن أولئك الأنبياء الثمانية عشر الذين ذكرت أسماؤهم فى الآيات السالفة، والذين وصفهم الله بإيتائهم الكتاب والحكم والنبوة- هم الذين هداهم الله هداية كاملة،