أي إنهم ينادون ويسألون عن دعوة الرسل لهم، فتقوم الحجة عليهم فيما يترتب من الجزاء على مخالفتها.
وقوله: ُسُلٌ مِنْكُمْ)
ظاهر فى أن كلا من الفريقين- الإنس والجن- قد أرسل منهم رسل إلى أقوامهم، لكن جمهرة العلماء يقولون: إن الرسل كلهم من الإنس كما يدل عليه ظاهر الآيات الأخرى، وقالوا إن المراد بقوله: منكم أي من جملتكم لا من كل منكم، وهو يصدق على رسل الإنس الذين ثبتت رسالتهم إلى الإنس والجن.
والجن عالم غيبى لا نعرف عنه إلا ماورد به النص، وقد دل الكتاب الكريم وصحيح الأحاديث على أن النبي صلّى الله عليه وسلم أرسل إليهم كقوله تعالى حكاية عن الذين استمعوا القرآن منهم أنهم قالوا:«إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى» فهذا ظاهر فى أنه كان مرسلا إليهم فنؤمن بذلك ونفوض الأمر فيما عداه إلى الله.
ثم بين سبحانه وظيفة الرسل الذين أرسلهم الله إلى الفريقين بقوله:
أي إنهم يتلون عليهم الآيات المبينة لأصول الإيمان وأحاسن الآداب والفضائل، والمفصّلة لأحكام التشريع التي من ثمراتها صلاح الأعمال والنجاة من الأهوال، وينذرونهم لقاء يوم الحشر بالإعلام بما يكون فيه من الحساب والجزاء لمن كفر بالله وجحد بآياته.
ثم أجابوا عن سؤال فهم من الكلام السابق كأنه قيل فماذا قالوا حين ذلك التوبيخ الشديد؟ فقيل:
الُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا)
أي شهدنا بإتيان الرسل وإنذارهم وبمقابلتنا لهم بالكفر والتكذيب. وفى هذا الجواب اعتراف صريح بكفرهم، وإقرار بأن الرسل قد أتوهم وبلّغوهم دعوتهم إما مشافهة أو نقلا عمن سمعها منهم.
وهذا موطن من مواطن يوم القيامة، وفى موطن آخر لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون، وفى موطن ثالث يكذبون على أنفسهم بما ينكرون من كفرهم وأنهم قدموا شيئا من السيئات والخطايا.