والذي خبث أي والبلد الذي خبث لا يخرج نباته إلا نكدا، وأصل النكد هو العسر الممتنع من إعطاء الخير بخلا.
والمعنى- إن الأرض منها الطيبة الكريمة التربة التي يخرج نباتها بسهولة وينمى بسرعة ويكون كثير الغلّة طيب الثمرة، ومنها الخبيثة التربة كالخرّة- الحجرية- والسّبخة التي لا يخرج نباتها على قلته وخبثه إلا بعسر وصعوبة.
قال ابن عباس: هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر أي للبر والفاجر اهـ أي إنه تعالى شبههما بالأرض الخيّرة والأرض السبخة، وشبه نزول القرآن بنزول المطر، فالأرض الخيّرة يحصل فيها بنزول المطر أنواع الأزهار والثمار، والأرض السبخة إن نزل عليها المطر لا تنبت من النبات إلا النذر القليل، فكذلك الروح الطيب النقي من شوائب الجهل ورذائل الأخلاق إذ اتصل به نور القرآن ظهرت فيه أنواع الطاعات والأخلاق الحميدة، والروح الخبيث الكدر وإن اتصل به نور القرآن لا يظهر فيه من المعارف وجميل الأخلاق إلا النذر القليل.
روى أحمد والشيخان والنسائي من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضا فكان منها نقيّة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب التي لا تشرب ولا تنبت- أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى منها إنما هى قيعان- أرض مستوية- لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه فى دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به»
وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القسم الأول وهو الذي نفع وانتفع بالهادي والمهتدى، وفسر القسم الثالث وهو الذي لم ينفع ولم ينتفع بالجاحد وسكت عن القسم الثاني وهو الذي نفع غيره بعلمه ولم ينتفع به هو، لأن له أحوالا كثيرة فمنه المنافقون ومنه المفرطون فى دينهم، والمشاهدة تدل