للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«على هذه الملة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء»

؟

وفى صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يقول الله إنى خلقت عبادى حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرّمت عليهم ما أحللت لهم» اهـ.

وقال ابن القيم فى كتاب الروح فى سياق البحث فى خلق الأرواح قبل الأجساد ما خلاصته: إن الله سبحانه استخرج صور البشر وأمثالهم، فميّز شقيّهم وسعيدهم ومعافاهم من مبتلاهم، والآثار متظاهرة به مرفوعة، وإن الله أقام عليهم الحجة حينئذ وأشهدهم بربوبيته واستشهد عليهم ملائكته كما تدل على ذلك الآية.

قال أبو إسحق: جائز أن يكون الله سبحانه جعل لأمثال الذر التي أخرجها فهما تعقل به كما قال: «قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ» وقد سخر مع داود الجبال تسبح معه والطير. وقال ابن الأنبارى: مذهب أهل الحديث وكبراء العلم فى هذه الآية أن الله أخرج ذرية آدم من صلبه وأصلاب أولاده وهم فى صورة الذر فأخذ عليهم الميثاق أنه خالقهم وأنهم مصنوعون له، فاعترفوا بذلك وفعلوا، وذلك بعد أن ركّب فيهم عقولا عرفوا بها ما عرض عليهم كما جعل للجبل عقلا حين خوطب، وكما فعل بالبعير لما سجد، وبالنخلة حتى سمعت وانقادت حين دعيت اهـ.

وقال الحسن بن يحيى الجرجاني: إنه سبحانه قد أثبت الحجة على كل منفوس ممن يبلغ وممن لم يبلغ بالميثاق الذي أخذه عليهم، وزاد على من بلغ منهم الحجة بالآيات والدلائل التي نصبها فى نفسه وفى العالم وبالرسل المنفذة إليهم مبشّرين ومنذرين، وبالمواعظ بالمثلات المنقولة إليهم أخبارها، غير أنه عز وجل لا يطالب أحد منهم بالطاعة إلا بقدر ما لزمه من الحجة، وركّب فيهم من القدرة، وآتاهم من الأدلة، وبيّن سبحانه ما هو عامل فى البالغين الذين أدركوا الأمر والنهى، وحجب عنا علم ما قدره فى عير البالغين، إلا أنا نعلم أنه عدل لا يجور فى حكمه، وحكيم لا تفاوت فى صنعه، وقادر لا يسئل

<<  <  ج: ص:  >  >>