عما يفعل، له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين اهـ.
ثم بين سبحانه سبب هذا الإشهاد وعلته فقال:
(أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) أي إنا فعلنا هذا منعا لاعتذاركم يوم القيامة، بأن تقولوا إذا أشركتم إنا كنا عن هذا التوحيد غافلين، إذ لم ينبهنا إليه منبّه، ومآل هذا أنه لا يقبل منهم الاعتذار بالجهل لأنهم نهّوا بنصب الأدلة وجعلوا مستعدّين لتحقيق الحق وإبعاد الشرك عن قلوبهم.
(أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) أي أو تقولوا فى ذلك اليوم: إن آباءنا اخترعوا الإشراك وسنّوه من قبل زماننا وكنا جاهلين ببطلان شركهم، فلم يسعنا إلا الاقتداء بهم ولم نهتد إلى التوحيد، أفتؤاخذنا فتهلكنا اليوم بالعذاب بما فعله المبطلون من آبائنا المضلين، فتجعل عذابنا كعذابهم، مع عذرنا بتحسين الظن بهم؟.
والخلاصة- إن الله لا يقبل منهم الاعتذار بتقليد الآباء والأجداد، إذ التقليد عند قيام الدلائل والقدرة على الاستدلال بها مما لا يركن إليه ولا ينبغى لعاقل أن يلجأ إليه، كما أن الاعتذار بالجهل بعد ما أقام عليهم من البينات الفطرية والعقلية مما لا يقبل.
(وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي ومثل ذلك التفصيل المستتبع للمنافع الجليلة- نفّصل لبنى آدم الآيات والدلائل ليستعملوا عقولهم فى التبصر فيها والتدبر فى أمرها، لعلهم يرجعون بها عن جهلهم وتقليد آبائهم وأجدادهم.
وفى الآية إيماء إلى أن من لم تبلغه بعثة رسول لا يعذر يوم القيامة فى الشرك بالله تعالى ولا بفعل الفواحش والموبقات التي تنفر منها الفطر السليمة وتدرك ضررها العقول الحصيفة، بل يعذرون بمخالفة هداية الرسل فيما شأنه ألا يعرف إلا منهم وهو تفصيل العبادات وعالم الغيب وما سيكون فى اليوم الآخر من أحوال العاصين وشئون النبيين والصديقين من عقاب وثواب وكنه ذلك على الحقيقة