لنكونن من جماعة الشاكرين، ولا نتوجه فى تفريج كروبنا وقضاء حاجتنا إلى وثن ولا صنم، ولا إلى ولىّ ولا نبىّ.
وفى الآية إيماء إلى أن الناس جبلوا على الرجوع إلى الله حين الشدائد، ولكن من لا يحصى عددهم من المسلمين فى هذا العصر لا يدعون حين أشد الأوقات حرجا إلا الميتين من الأولياء والصالحين، كالسيد البدوي والرفاعي والدسوقى والمتولى وأبى سريع وغيرهم ويتأول ذلك لهم بعض العلماء ويسمونه توسلا أو نحو ذلك.
قال السيد حسن صديق الهندي فى تفسيره [فتح الرحمن] : فيا عجبا لما حدث فى الإسلام من طوائف يعتقدون فى الأموات، فإذا عرضت لهم فى البحر مثل هذه الحالة دعوا الأموات ولم يخلصوا لله كما فعله المشركون كما تواتر ذلك إلينا تواترا يحصل به القطع. فانظر هداك الله ما فعلت هذه الاعتقادات الشيطانية، وأين وصل بها أهلها، وإلى أين رمى بهم الشيطان؟ وكيف اقتادهم وتسلط عليهم حتى انقادوا له انقيادا ما كان يطمع فى مثله ولا فى بعضه من عباد الأصنام «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» اه.
وقال الآلوسى فى تفسيره: وأنت خبير بأن الناس اليوم إذا اعتراهم أمر خطير وخطب جسيم فى برّ أو بحر دعوا من لا يضر ولا ينفع، ولا يرى ولا يسمع، فمنهم من يستغيث بأحد الأئمة. ومنهم من يضرع إلى شيخ من مشايخ الأمة، ولا ترى فيهم أحدا يخص مولاه بتضرعه ودعاه، ولا يكاد يمرّ له ببال أنه لو دعا الله تعالى وحده ينجو من هاتيك الأهوال، فبالله تعالى عليك قل لى: أىّ الفريقين أهدى سبيلا، وأىّ الداعيين أقوم قيلا، وإلى الله المشتكى من زمان عصفت فيه ريح الجهالة، وتلاطمت أمواج الضلالة، واتّخذت الاستعانة بغير الله للنجاة ذريعة، وخرقت سفينة الشريعة اه.
(فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) أي فلما نجاهم مما نزل بهم من الشدة والكربة فاجئوا الناس فى الأرض التي يعيشون فيها بالبغي عليهم والظلم لهم مع الإمعان فى ذلك والإصرار عليه.