(وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي ليس من شأنى ولا بالذي يكون منى أن أبعد من يؤمن بي، وأنحّيه عنى احتقارا له على أىّ حال كانت صفته.
وفى هذا إيماء إلى الجواب عن قولهم (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) وقد روى أنهم قالوا له يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطرد هؤلاء، فإنا لن نرضى أن نكون نحن وهم فى الأمر سواء.
ثم علل الامتناع من طردهم بقوله:
(إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) أي إن هؤلاء الذين تسألوننى طردهم- صائرون إلى ربهم وهو سائلهم عما كانوا يعملون فى الدنيا، ولا يسألهم عن حسبهم وشرفهم.
(وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) أي تجهلون ما يمتاز به البشر بعضهم عن بعض من اتباع الحق والتحلي بالفضائل وعمل البر والخير، وتظنون أن الميزة إنما تكون بالمال والجاه.
وقد جاء هذا المعنى فى قصته من سورة الشعراء:«قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ. قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ. وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ. إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ» .
(وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ) أي ويا قوم لا أجد أحدا يمنع عنى ما أستحقه من عقاب الله إن طردتهم بعد إيمانهم واتباعهم إياى فيما بلغتهم- فإن ذلك ظلم عظيم يستحق شديد العقاب مهما تكن صفة من اجترحه كما قال فى سورة الأنعام:
«فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ» .
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أي أفلا تتفكرون فيما تقولون، وهو ظاهر الخطأ لائحه فتنتهوا عنه؟، فإن لهم ربّا ينصرهم وينتقم لهم.
(وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ) أي ولا أقول لكم بادعائى للنبوة والرسالة إن عندى خزائن رزق الله: (أنواع رزقه التي يحتاج إليها عباده للانفاق منها)