وبعد أن ذكر قصص قوم لوط أتبعه بقصص قوم شعيب عليه السلام فقال:
(وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ) أي وإن أصحاب الأيكة كانوا بجبلّتهم ظالمين كفارا، ليس لديهم استعداد للإيمان بالله ورسله، أرسل الله إليهم وإلى أهل مدين شعيبا فكذبوه.
أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إن مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله إليهما شعيبا» .
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) جزاء ما دنسوا به أنفسهم من الكفر والمعاصي.
فسلطّ على أصحاب الأيكة الحر سبعة أيام لا يظل منه ظلّ، ولا يمنعهم منه شىء، ثم أرسلت عليهم سحابة فحلّوا تحتها يلتمسون الرّوح منها، فبعثت عليهم منها نار فاضطرمت عليهم فأكلتهم، فذلك عذاب يوم الظلة، إنه كان عذاب يوم عظيم.
وأما أهل مدين فقد أخذتهم الصيحة ثم ذكر عز اسمه أنه قد كان من حق قريش أن يعتبروا بهما فقال:
(وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) أي وإن مدينة أصحاب الأيكة ومدينة قوم لوط لبطريق واضح يأتمون به فى سفرهم ويهتدون به فى مسيرهم.
ثم ذكر سبحانه قصة صالح فقال:
(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) أي ولقد كذبت ثمود نبيهم صالحا عليه السلام ومن كذب رسولا من رسل الله فكأنما كذب الجميع، لاتفاق كلمتهم على التوحيد والأصول العامة التي لا تختلف باختلاف الأمم والأزمان.
(وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) أي وأريناهم حججنا الدالة على نبوة صالح عليه السلام من الناقة وغيرها، فأعرضوا عنها ولم يعتبروا بها.
(وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) من هدمها ونقب اللصوص لها أو تخريب الأعداء لقوة أسرها وبديع إحكامها، وقد تقدم تفصيل ذلك فى سورة الأعراف.