تأمّل فى رياض الورد وانظر ... إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات ... على أهدابها ذهب سبيك
على قضب الزبرجد شاهدات ... بأنّ الله ليس له شريك
(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ) أي ومن نعمه تعالى عليكم مضافة إلى النعم التي سلف ذكرها- أن سخر لكم الليل والنهار يتعاقبان، خلفة لمنامكم واستراحتكم، وتصرفكم فى معايشكم وسعيكم فى مصالحكم وسخر لكم الشمس والقمر يدأبان فى سيرهما وإنارتهما أصالة وخلافة، وأدائهما ما نيط بهما من تربية الأشجار والزرع وإنضاج الثمرات وتلوينها إلى نحو ذلك من الآثار والمنافع التي ربطها سبحانه بوجودهما، وبهما يعرف عدد السنين والشهور، وفى ذلك صلاح معايشكم، وسخر لكم النجوم بأمره تجرى فى أفلاكها بحركة مقدّرة لا تزيد ولا تنقص لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي إن فى ذلك التسخير لدلالات واضحات لقوم يعقلون حجج الله ويفهمون ما نبههم إليه بها.
وعبر هنا بالعقل وفى خاتمة الآية السالفة بالتفكر، من قبل أن الآثار العلوية متعددة، ودلالة ما فيها من عظيم القدرة والعلم والحكمة على الوحدانية ظاهرة لا تحتاج إلا إلى العقل من غير تفكر ولا تأمل، بل تدرك بالبديهة، بخلاف الآثار السفلية من الزرع والنخيل والأعناب فهى تحتاج فى دلالتها على وجود الصانع إلى فكر وتدبر ونظر شديد.
(وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) أي وما خلق لكم فى الأرض من عجائب الأمور ومختلف الأشياء، من معادن ونبات وحيوان على اختلاف أجناسها وأشكالها ومنافعها وخواصها.