(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) آلاء الله ونعمه فيشكرونه على ما أنعم، ويخبتون إليه على ما تفضل به وأحسن.
وبعد أن ذكر أنواع النعم فى البر شرع يفصّل نعمه فى البحر فقال:
(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) أي وهو الذي سخر لكم البحر- الماء الملح والعذب- لتأكلوا منه سمكا تصطادونه.
وفى وصفه بالطراوة تنبيه إلى أنه ينبغى المسارعة إلى أكله، لأنه يسرع إليه الفساد والتغير، وقد أثبت الطب أن تناوله بعد ذهاب طراوته من أضر الأشياء، فسبحان الخبير بخلقه، ومعرفة ما يضر استعماله وما ينفع، وفيه أيضا إيماء إلى كمال قدرته تعالى فى خلقه الحلو الطري فى الماء الذي لا يشرب.
وقد كره العلماء أكل الطافي منه على وجه الماء، وهو الذي يموت حتف أنفه فى الماء فيطفو على وجهه،
لحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلّم:«ما نضب عنه الماء فكلوا، وما لفظه فكلوا، وماطفا فلا تأكلوا»
فالمراد من ميتة البحر
فى الحديث «هو الطهور ماؤه الحل ميتته»
ما لفظه لا مامات فيه من غير آفة.
(وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) كاللؤلؤ المخلوق فى صدفه العائش فى البحار ولا سيما المحيط الهندي، والمرجان الذي ينبت فى قيعانها، وتوجد حقول من المرجان فى البحر الأبيض المتوسط أمام تونس والجزائر، متى تم ينعها حصدتها الدولة الفرنسية وباعتها للمسلمين وهم لا يعلمون شيئا من أمرها، وكأنهم لم يقرءوا القرآن وكأنهم لم يخلقوا فى هذه الأرض، وكأنهم يقولون: ربنا لا نستخرج، بل نشترى من المستخرجين من الأرض، وكأنهم ليسوا مخاطبين بالاستخراج المباح، وبذا حرّموا على أنفسهم ما أباحه الله لهم، وقد بلغ ما استخرج من المرجان سنة ١٨٨٦ م ٧٧٨ ألف كيلو جرام ثمنها خمسة ملايين وسبعمائة وخمسون ألف فرنك.
(وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) أي وترى السفن جوارى فيه، تشقّه بحيزومها ومقّدمها.
مقبلة مدبرة من قطر إلى قطر ومن بلد إلى آخر، ومن إقليم إلى إقليم لجلب ما هناك إلى هنا، وما هنا إلى هناك ومن ثم قال: