صحة قوله، وصدق رأيه، قبّحهم الله، وكان المشركون يقتسمون مداخل مكة ينفّرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا سألهم وفود الحاج، ويقولون هذه المقالة.
ثم بين عاقبة أمرهم فقال:
(لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي وإنما قدّرنا عليهم أن يقولوا ذلك، لتكون عاقبتهم أنهم يتحملون آثامهم وآثام الذين يتبعونهم ويوافقونهم أي يصير عليهم خطيئة ضلالهم فى أنفسهم، وخطيئة إغوائهم وإضلالهم لغيرهم واقتدائهم بهم كما
جاء فى الحديث «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» .
ونحو الآية قوله تعالى «وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ» والمراد من قوله (كاملة) أنه لا ينقص منها شىء ولا يكفّر بنحو نكبة تصيبهم فى الدنيا، ولا طاعة مقبولة تكفّر بعض تلك الأوزار كما هو حال المؤمنين.
وفائدة قوله بغير علم- بيان أنهم يضلون من لا يعلم أنهم ضلّال وأنهم على الباطل، وفى ذلك تنبيه إلى أن كيدهم لا يروج على ذى لب، وإنما يقلدهم الجهلة الأغبياء، وزيادة تعيير وذم لهم، إذ كان عليهم إرشاد الجاهلين لا إضلالهم.
وقصارى القول- إن هؤلاء قد دنّسوا أنفسهم، واختاروا لها الكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وللمسليمن، فكانوا السبب فيما احتملوه من الأوزار والآصار، كما كانوا واسطة فى تحمل من اتّبعوهم هذه الأوزار أيضا، والله تعالى لم يظلهم فيما جازاهم به، بل هم الذين قسطوا وجاروا على أنفسهم، فاستحقوا هذا الجزاء.
ثم هددهم وتوعدهم فقال:
(أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) أي بئس شيئا يرتكبونه من الإثم والذنب ما يفعلون.