ثم بين لهم أن غائلة مكرهم عائدة إليهم، ووبال ذلك لاحق بهم كدأب من قبلهم من الأمم الخالية الذين أصابهم من العذاب ما أصابهم بتكذيبهم لرسلهم فقال:
(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) أي إن حال من قبلهم وقد دبروا الحيل ونصبوا الحبائل ليمكروا بها رسل الله فأبطلها الله وجعلها سبيلا لهلاكهم، كحال قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالأساطين، فضعضعت أساطينه، وسقط عليهم السقف، فهلكوا تحته من حيث لا يشعرون بسقوطه- فما نصبوه من الأساطين وظنوه سبب القوّة والتحصين فى البنيان صار سبب الهلاك، كذلك هؤلاء كانت عاقبة مكرهم وبالا عليهم.
ونحو الآية قولهم فى المثل: من حفر لأخيه جبّا، وقع فيه منكبّا.
وخلاصة ذلك- إن الله أحبط أعمالهم وجعلها وبالا عليهم ونقمة لهم.
وبعد أن بين سبحانه ما حل بأصحاب المكر فى الدنيا من العذاب والهلاك، بين حالهم فى الآخرة فقال:
(ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) أي ثم إن ربك يوم القيامة يخزيهم بعذاب أليم، ويقول لهم حين ورودهم عليه على سبيل الاستهزاء والسخرية: أين الذين كنتم تزعمون فى الدنيا أنهم شركائى، وهلا تحضرونهم اليوم ليدفعوا عنكم ما يحل بكم من العذاب، فقد كنتم تعبدونهم فى الدنيا وتتولّونهم، والولىّ ينصر وليّه.
والمراد من المشاقة فيهم مخاصمة الأنبياء وأتباعهم فى شأنهم وزعمهم أنهم شركاء حقا حين بيّنوا لهم ذلك، والمراد بالاستفهام عن ذلك الاستهزاء والتبكيت والاحتقار لشأنهم، إذ كانوا يقولون: إن صح ما تدعون إليه من عذابنا فالأصنام تشفع لنا.
والخلاصة- إنه لا شركاء ولا أماكن لهم.
ثم ذكر مقال الأنبياء والمرسلين فى شأنهم يوم القيامة.
(قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ) أي قال الذين