(أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) أي أو تصعد فى سلم إلى السماء ونحن ننظر إليك، ولن نصدّقك من أجل رقيك وحده، بل لا بد أن تنزل علينا كتابا نقرؤه بلغتنا على نهج كلامنا، وفيه تصديقك.
(قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا) أي قل لهم متعجّبا من مقترحاتهم، ومنزّها ربك من أن يقترح عليه أحد أو يشاركه فى القدرة: ما أنا إلا كسائر الرسل، وليس للرسل أن يأتوا إلا بما يظهره الله على أيديهم بحسب ما تقتضيه المصلحة، من غير تفويض إليهم فيه، ولا تحكم منهم عليه.
وخلاصة ذلك- سبحانه أن يتقدم أحد بين يديه فى أمر من أمور سلطانه وملكوته بل هو الفعال لما يشاء، إن شاء أجابكم إلى ما سألتم، وإن شاء لم يجبكم، وما أنا إلا رسول إليكم أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم، وقد فعلت ذلك، وأمركم فيما سألتم إلى الله عزّ وجلّ.
ثم أعقب ذلك بشبهة أخرى وهى استبعادهم أن يكون من البشر رسول فقال:
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا؟) أي وما منع مشركى قريش وهم من حكيت أباطيلهم- من الإيمان بك حين مجىء الوحى المقرون بالمعجزات التي تستدعى الإيمان بنبوتك وبما نزل عليك من الكتاب إلا قولهم: أبعث الله بشرا رسولا، إنكارا منهم أن يكون الرسول من جنس البشر، واعتقادا منهم بأن الله لو بعث رسولا إلى الخلق لوجب أن يكون من الملائكة.