للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأين هذا مما نرى عليه الناس من الاستعداد لمآكل رمضان وشرابه، حتى لينفقون فيه ما يكاد يساوى نفقة السنة كلها، فكأنّ رمضان موسم أكل، وكأنّ الإمساك عن الطعام في النهار لأجل الاستكثار منه في الليل.

(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) أي أياما معيّنات بالعدد وهى أيام رمضان، فالله لم يفرض علينا صوم الدهر كله ولا أكثره تخفيفا ورحمة بالمكلفين.

(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أي فمن كان على إحدى الحالين فالواجب عليه- إذا أفطر- القضاء بقدر عدد الأيام التي لم يصمها لأن كلتيهما عرضة لاحتمال المشقة بالصوم، وأكثر الأئمة على اشتراط أن يكون المرض شديدا يصعب معه الصوم بدليل قوله: «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» .

ويرى جماعة منهم ابن سيرين وعطاء والبخاري أن أىّ مرض هو رخصة في الإفطار فربّ مرض لا يشقّ معه الصوم يضرّ فيه الصوم المريض، ويكون سببا في زيادة مرضه وطول مدته، وضبط المشقة عسر، ومعرفة الضرر أعسر.

والسفر الذي يباح فيه الفطر هو الذي يباح فيه قصر الصلاة،

روى أحمد ومسلم وأبو داود عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين- يريد أنه يقصر الصلاة

- وهذه المسافة وإن قطعت الآن في دقائق معدودات مبيحة للفطر، إذ العبرة بقطع مثل هذه المسافة لا بالزمن الذي تقطع فيه.

ومن صام رمضان وهو مريض أو مسافر فقد أدى الفريضة، ومن أفطر وجب عليه القضاء، وبذلك كان عمل الصحابة،

فقد ورد في الصحيح أنهم كانوا يسافرون مع النبي صلى الله عليه وسلم منهم المفطر ومنهم الصائم لا يعيب أحد على الآخر، وأنه كان يأمرهم بالإفطار عند توقع المشقة فيفطرون جميعا،

روى أحمد ومسلم عن أبي سعيد قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم قد دنوتم من عدوّكم والفطر أقوى لكم» فكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>