رخصة، فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر فقال:«إنكم مصبّحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطرنا» فكانت عزمة فأفطرنا.
وروى عن عائشة أن حمزة الأسلمى قال للنبى صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر؟
وكان كثير الصيام، فقال له:«إن شئت فصم وإن شئت فأفطر»
وفي رواية مسلم أنه أجابه بقوله:«هى رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحبّ أن يصوم فلا جناح عليه»
وأكثر الأئمة كمالك وأبي حنيفة والشافعي على أن الصوم أفضل لمن قوي عليه ولم يشقّ، ويرى أحمد والأوزاعى أن الفطر أفضل عملا بالرخصة.
(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) والذين يطيقون هم الشيوخ الضعفاء والزّمنى الذين لا يرجى برء أمراضهم، والعمال الذين جعل الله معاشهم الدائم بالأشغال الشاقة كاستخراج الفحم من المناجم، والمجرمون الذين يحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا كان الصيام يشق عليهم، والحبلى والمرضع إذا خافتا على ولديهما، فكل هؤلاء يفطرون وعليهم الفدية، وهى طعام مسكين من أوسط ما يطعمون منه أهليهم بقدر كفايته أكلة واحدة بقدر شبع المعتدل الأكل، عن كل يوم يفطرونه.
وخلاصة ما تقدم: أن المؤمنين في صيامهم أقسام ثلاثة:
١- المقيم الصحيح القادر على الصيام بلا ضرر ولا مشقة، والصوم حتم واجب عليه، وتركه من الكبائر.
٢- المريض والمسافر ويباح لهما الإفطار مع وجوب القضاء، لما في المرض والسفر من التعرض للمشقة، فإذا علما أو ظنا ظنّا قويّا أن الصوم يضرهما وجب الإفطار.
٣- من يشقّ عليه الصوم لسبب لا يرجى زواله كهرم وضعف بنية ومرض مزمن لا يرجى برؤه، وأشغال شاقة دائمة، وحمل وإرضاع، وهؤلاء لهم أن يفطروا ويطعموا مسكينا عوضا من كل يوم بقدر ما يشبع الرجل المعتدل الأكل.
(فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) أي فمن زاد في الفدية فذلك خير له، لأن ثوابه عائد إليه ومنفعته له، وهذا التطوع شامل لأصناف ثلاثة: