والآية تعم كل من خالف أمر الله وأمر رسوله وجمد على التقليد من بعد ما تبين له الهدى، وظهر له الصواب من الخطأ.
وبعد أن أقام الأدلة على أنه نور السموات والأرض، ثم حذر كل مخالف لرسوله صلى الله عليه وسلّم- ختم السورة ببيان أنه المالك للموجودات بأسرها، خلقا وملكا، وتصرفا وإيجادا، وإعداما بدءا وإعادة، فقال:
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) أي إنه تعالى مالك السموات والأرض وإنه عالم بما يعمل العباد كما قال: «وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ، وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ» وقال تعالى: «أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ؟» .
ثم هدّد وتوعد فقال:
(وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أي ويوم يرجع الخلائق إلى ربهم حين العرض والحساب يخبرهم بما فعلوا فى الدنيا من جليل وحقير، وكبير وصغير كما قال:
وقال:«وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً» وبعدئذ ذكر ما هو كالدليل على ما سلف بقوله:
(وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي إنه سينبئهم بما عملوا فى حياتهم الأولى، لأنه ذو علم بكل شىء وإحاطة به وهو موف كل عامل أجر عمله، يوم يرجعون إلى حكمه، إذ لا حكم يومئذ إلا هو.