للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يستركم اللباس، وجعل النوم كالموت لتعطيله الحواس ووظائفها المختلفة كما قال:

«وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ» وقال: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها» وجعل النهار زمان بعث من ذلك الموت.

وخلاصة ذلك- جعلنا موتكم بالنوم فى الليل، وجعلنا نشوركم: أي انبعاثكم من النوم الذي يشبه الموت بالنهار، إذ ينشر الخلق للمعاش كما ينشرون بعد الموت للحساب. قال لقمان لابنه كما تنام فتوقظ، كذلك تموت فتنشر.

ونحو الآية قوله: «وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ» الآية.

(٣) (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي والله الذي أرسل الرياح مبشّرات بقدوم الأمطار.

(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) الطهور اسم لما يتطهر به كالوقود لما توقد به النار والوضوء لما يتوضأ به، أي وأنزلنا من السحاب ماء تتطهرون به فى غسل ملابسكم وأجسامكم، وتنتفعون به فى طبخ مطاعمكم، وتشربونه عذبا فراتا.

روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فى البحر «هو الطّهور ماؤه، والحل ميتته» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.

(لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) أي وأنزلناه لنحيى به أرضا طال انتظارها للغيث، فهى هامدة لا نبات فيها، وبذلك الماء تزدهر بالشجر والنبات والأزهار، وذلك أشبه بالحياة للإنسان والحيوان.

ونحو الآية قوله: «فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» وقوله: «فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها» (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً)

أي وليشرب منه الحيوان والإنسان،

<<  <  ج: ص:  >  >>