قال الرازي: ليس مراده من ادعاء الألوهية أنه خالق السموات والأرض والبحار والجبال وخالق الناس، فإن العلم بامتناع ذلك واضح لكل ذى عقل، بل مراده بذلك وجوب عبادته، فهو ينفى وجود الإله ويقول: لا تكليف على الناس إلا أن يطيعوا مليكهم وينقادوا لأمره اهـ بتصرف.
ثم خاطب وزيره آمرا له على سبيل التهكم أمام موسى، ليشكّك قومه فى صدق مقالته.
(فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى) أي فاصنع لى آجرّا واجعل لى منه قصرا شامخا وبناء عالينا أصعد وأرتقى إلى إله موسى الذي يعبده فى السماء، ويدعى أنه يؤيده وينصره وهو الذي أرسله إلينا.
(وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) أي وإنى لأظنه كاذبا فيما يدّعى، من أن له معبودا فى السماء ينصره ويؤيده، وأنه هو الذي أرسله.
ثم ذكر سبحانه ما هو كالسبب فى العناد والجحود فقال:
(وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ) أي ورأى هو وجنوده كل من سواهم فى أرض مصر حقيرا، عتوّا منهم على ربهم، وحسبوا أنهم بعد مماتهم لا يبعثون، ولا يثابون ولا يعاقبون، ومن ثم ركبوا أهواءهم، ولم يعلموا أن الله لهم بالمرصاد، وأنه مجازيهم على خبيث أعمالهم، وسيىء أقوالهم.
ثم أخبر بما نالهم من عقاب الدنيا بعد أن توعدهم بعقاب الآخرة فقال:
(فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ) أي فجمعنا فرعون وجنوده من القبط فألقيناهم جميعا فى البحر.