أما الكتابيات كالنصرانيات واليهوديات، فقد جاء في القرآن في سورة المائدة النصّ على حلّهن فقال:«وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» والحكمة في هذا التألف لأهل الكتاب ليروا حسن معاملتنا، وسهولة شريعتنا، فالرجل هو القوّام على المرأة وصاحب الولاية والسلطة عليها، فإذا هو أحسن معاملتها كان ذلك دليلا على أن هذا الدين يدعو إلى الإنصاف في المعاملة وسعة الصدر بين المختلفين في الدين.
وأما زواج الكتابىّ بالمسلمة فحرام بنص السنة وإجماع المسلمين على ذلك، والسرّ فى هذا أن المرأة كما علمت ليس لها من الحقوق مثل ما للرجل، فلا تظهر الفائدة التي تقدمت، إلى أنه بما له عليها من السلطان يخشى أن يزيغها عن عقيدتها ويفسد منها دون أن تصلح منه.
وقد بين علة النهى عن مناكحة المشركين والمشركات بقوله:
(أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) أي إن هؤلاء المشركين والمشركات من دأبهم أن يدعوا إلى كل ما يكون سببا في دخول النار من الأقوال والأفعال- وصلة الزوجية من أقوى العوامل في تأثير هذه الدعوة في النفوس، إذ من شأنها أن يتسامح معها في أمور كثيرة، فربما سري شىء من عقائد الشرك للمؤمن أو المؤمنة بضروب من الشبه والتضليل، فالمشركون عبدوا غير الله لكنهم لم يسموا عملهم عبادة، بل أطلقوا عليه الاستشفاع والتوسل، واتخذوا غير الله ربّا وإلها وسمّوه وسيلة وشفيعا، ظنا منهم أن تسمية الشيء بغير اسمه يخرجه عن حقيقته كما قال تعالى:«وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ» .
وإذا كانت مساكنة المشركين مع الكراهة والنفور قد أفسدت الأديان، فكيف بهم إذا اتّخذوا أزواجا، ألا يكون في ذلك الدعوة إلى النار، والسبب في الشقاء والدمار؟
(وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) أي إن دعوة الله التي عليها المؤمنون هى التي